للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك بعض الناس، واستبعدوه. وقالوا: إنما تحشر الأرواح، والجسد تأكله الأرض. وقال بعضهم: تبعث الروح، والجسد جميعا. بينما يوجد في تلك البلدة من لا يؤمن ببعث، ولا بحساب، ولا بجنة، ولا بنار، فكبر ذلك على بيدروس، وبقي حيران لا يدري كيف يتبين أمره لهم، حتى لبس المسوح، وقعد على الرماد، وتضرع إلى الله تعالى في حجة، وبيان، فأيقظ الله أهل الكهف، كما رأيت، وبعثوا تمليخا ليشتري لهم طعاما، وزادا بورقهم التي كانت معهم، وهي من ضرب دقيانوس الجبار، وقد استنكر الناس شخصه، ودراهمه لبعد العهد، فحمل إلى الملك الصالح بيدروس، وبعد نقاش طويل، وأخذ وردّ عرف شأنه، وعرفه الناس أيضا، فقال الملك: فقد كنت أدعو الله تعالى أن يرينيهم، وسأل الفتى، فأخبره، فسرّ الملك بذلك. وقال لقومه: لعل الله قد بعث لكم آية، فلنسر إلى الكهف معه، فركب مع أهل المدينة إليهم، فلما قربوا من الكهف قال تمليخا: أنا أدخل عليهم لئلا يرعبوا، فدخل عليهم، وأعلمهم بالأمر، وأن الأمة أمة مسلمة، فروي: أنهم سروا بذلك، وخرجوا إلى الملك، وعظموه، وعظمهم، ثم رجعوا إلى كهفهم. وأكثر الروايات على أنهم ماتوا حين حدثهم تمليخا ميتة الحق، ورجع من كان شك في بعث الأجساد إلى اليقين. انتهى. قرطبي بتصرف.

بعد هذا انظر شرح (الوعد) في الآية رقم [٣١] من سورة (الرعد)، وشرح {السّاعَةَ} في الآية رقم [٨٥] من سورة (الحجر)، وشرح {لا رَيْبَ} في الآية رقم [٩٩] من سورة (الإسراء)، وشرح {الْحَقُّ} في الآية رقم [٨١] منها. هذا؛ ومسجد اسم مكان، وهو بكسر الجيم، والقياس فتحها لأن اسم المكان والزمان يكونان على وزن مفعل بفتح العين إن كانا مأخوذين من ماض ثلاثي يجيء مضارعه بفتح العين، أو ضمها، كمذهب، ومنظر، وبكسرها إن كانت عين المضارع مكسورة كمجلس ومنزل ومثلهما المصدر الميمي، وقد جاءت التلاوة بكسر العين كما ترى هنا وفي قوله تعالى: {وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} وكما خرج «مسجد» عن القياس خرج كثير مثل: المشرق، والمغرب، والمنبت، والمقسط، والمرفق، والمنخر، والمجزر، والمظنة مع أن مضارعها مضموم العين. والتحقيق: أنها أسماء نوعية، غير جارية على فعلها، وإلا فلا مانع من الفتح.

الإعراب: (كذلك): جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف، التقدير:

أعثرنا الناس عليهم عثرا، أو عثارا كائنا مثل إنامتهم تلك المدة، وإيقاظهم منها. وانظر تفصيل الإعراب في الآية رقم [١٩] ومفعول {أَعْثَرْنا} محذوف كما رأيت. {عَلَيْهِمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والكلام معطوف على ما قبله لا محل له. {لِيَعْلَمُوا:} مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، وعلامة نصبه حذف النون... إلخ، والواو فاعله، والألف للتفريق، و «أن» المضمرة، والمضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {أَنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {وَعْدَ:} اسمها، وهو مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>