القول تكون الزلزلة في الدنيا؛ لأنه بعد البعث لا يكون حمل، ولا إرضاع. ومن قال: تكون الزلزلة في القيامة، قال: هذا على وجه تعظيم الأمر، وتهويله، لا على حقيقته.
هذا؛ و {حَمْلٍ} بفتح الحاء وسكون الميم، قال ابن السكيت: الحمل-بالفتح-: ما كان في بطن، أو على رأس شجرة. والحمل-بالكسر-: ما كان على ظهر، أو رأس. قال الأزهري: هذا هو الصواب، وهو قول الأصمعي، وقال القرطبي: وقد حكى يعقوب في حمل النخلة الكسرة. وقال أبو سعيد السيرافي: يقال في حمل المرأة: حمل وحمل يشبه مرة لا ستبطانه بحمل النخلة، ومرة لبروزه وظهوره بحمل الدابة.
{وَتَرَى النّاسَ سُكارى} أي: كأنهم سكارى من هول الزلزلة، ومما يدركهم من الخوف، والفزع، {وَما هُمْ بِسُكارى} أي: على الحقيقة. هذا؛ وقرئ: «(وترى الناس)» بضم التاء أي:
تظن، ويخيل إليك، وقرئ: «(سكرى)» وهما لغتان {وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ:} فأرهقهم هوله، بحيث طير عقولهم، وأذهب تمييزهم، ففي الآية الكريمة شبه الله الناس بسكارى الذين فقدوا التمييز، ثم نفى الله عنهم السكر الحقيقي الناتج عن شرب الخمر، ونحوه، وبيّن أن سببه شدة الهول، والخوف من العذاب الشديد، والعذاب الأليم.
أما {ذاتِ} فهي بمعنى صاحبة، وكثيرا ما تضاف للمصدر فجعلت صاحبة للصدور لملازمتها لها، وعدم انفكاكها عنها، نحو:(أصحاب الجنة، أصحاب النار) هذا؛ و (ذات) مؤنث: ذو، الذي بمعنى صاحب، وقد يثنى على لفظه، فيقال: ذاتا، أو ذاتي كذا من غير رد لام الكلمة، وهو القياس، كما يثنى «ذو» بذوا، أو ذوي على لفظه، ويجوز فيها:(ذواتا) على الأصل برد لام الكلمة، وهي الياء ألفا لتحرك العين، وهو الواو قبلها، وهو الكثير في الاستعمال؛ لأن أصلها (ذوية) الواو عين الكلمة، والياء لامها، والتاء للتأنيث؛ لأنه مؤنث «ذو» وذو أصله ذوي، فتحركت الياء، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، فصار (ذوات) ثم حذفت الواو تخفيفا. وفي تثنيته وجهان: تارة ينظر للفظه الآن، فيقال: ذاتان، وتارة ينظر له قبل حذف الواو، فيقال: ذواتان فقوله تعالى في سورة (سبأ) رقم [١٦]{ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ} وفي سورة (الرحمن) رقم [٤٨]{ذَواتا أَفْنانٍ} جاء على الأصل برد لام الكلمة.
هذا؛ والتاء في (ذات) لتأنيث اللفظ، مثل تاء ثمّت، وربّت، ولات، ولكنها تعرب بالحركات الظاهرة على التاء، فالجر كما في الآية الكريمة، ومثلها كثير، والرفع جاء في قوله تعالى:{فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ} والنصب جاء في قوله تعالى: {سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ} وكل معانيها في القرآن الكريم صاحبة، إلا في موضعين، فإنها جاءت بمعنى الجهة، وذلك قوله تعالى:{وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ} وقد رأيت تثنيتها في الآيتين المذكورتين في حالتي النصب، والجر، ولم ترد في القرآن الكريم بمعنى الجمع، هذا؛ ولم