يتعرض النحويون لها بهذا المعنى، مع كثرة تعرضهم ل:«ذي» بمعنى صاحب، وتثنيته، وجمعه، ولكنهم ذكروا (ذات) بمعنى «التي» و (ذوات) بمعنى اللواتي، وذلك في مبحث الاسم الموصول، قال ابن مالك رحمه الله في ألفيته:[الرجز]
وكالّتي أيضا لديهم ذات... وموضع اللاّتي أتى ذوات
قال الأشموني: أي عند طيئ ألحقوا ب: «ذو» تاء التأنيث مع بقاء البناء على الضم، حكى الفراء:(بالفضل ذو فضّلكم الله به، والكرامة ذات أكرمكم الله به) وقريب منه لابن هشام في أو ضحه، وكلاهما أورد بيت رؤبة شاهدا لذلك:[الرجز]
جمعتها من أينق موارق... ذوات ينهضن بغير سائق
والفرق بين الأولى، والثانية، الأولى لا تكون إلا مضافة لما بعدها كما رأيت بخلاف الثانية، فإنها لا تضاف؛ لأنها معرفة بالصلة التي تذكر بعدها كما رأيت في بيت رؤبة. تنبه لهذا؛ وافهمه، فإنه معنى دقيق، واسأل الله لي المزيد من التوفيق.
بعد هذا خذ ما يلي: روى الترمذي عن عمران بن حصين-رضي الله عنه-أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما نزلت:{يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ..}. إلى قوله:{وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ} قال: أنزلت عليه هذه الآية، وهو في سفر، فقال: أتدرون أيّ يوم ذلك؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم، قال:«ذلك يوم يقول الله لآدم: ابعث بعث النار، قال: يا ربّ! وما بعث النار؟ قال: تسعمئة وتسعة وتسعون إلى النار، وواحد إلى الجنّة». فأنشأ المسلمون يبكون، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«قاربوا، وسدّدوا، فإنّه لم تكن نبوّة قطّ إلاّ كان بين يديها جاهلية، قال: فيؤخذ العدد من الجاهلية، فإن تمّت وإلاّ كملت من المنافقين، وما مثلكم والأمم إلاّ كمثل الرّقمة في ذراع الدّابّة، أو كالشّامة في جنب البعير، ثمّ قال: إنّي لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة!» فكبّروا، ثم قال:«إني لأرجو أن تكونوا ثلاث أهل الجنّة!» فكبّروا ثمّ قال: «إنّي لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنّة»، فكبّروا، قال:«لا أدري قال: الثّلثين أم لا؟». قال: هذا حديث حسن صحيح.
وفي صحيح مسلم: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«يقول الله تعالى: يا آدم! فيقول: لبيك، وسعديك، والخير في يديك. قال، يقول: أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار؟ قال: من كلّ ألف تسعمئة وتسعة وتسعون». قال:«فذاك حين يشيب الصغير، وتضع كلّ ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى، وما هم بسكارى، ولكنّ عذاب الله شديد»، قال: فاشتدّ ذلك على أصحابه، قالوا: يا رسول الله! أيّنا ذلك الرجل؟ فقال:«أبشروا، فإنّ من يأجوج ومأجوج ألفا، ومنكم رجل». وذكر الحديث بنحو ما تقدم في حديث عمران بن حصين، رضي الله عنهم أجمعين.