للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ والفلك بفتحتين مدار النجوم، وبجمع على فلك بضم الفاء، وسكون اللام، وضمّهما أيضا، وعلى أفلاك أيضا، والفلك من كلّ شيء: مستداره، ومعظمه، والفلكي منسوب إلى عالم الفلك. {بِما يَنْفَعُ النّاسَ} أي: الذي ينفعهم من التجارات وسائر المآرب الّتي تصلح بها أحوالهم، وقد قال من طعن في الدّين: إن الله تعالى يقول في كتابكم: {ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ} فأين ذكر التّوابل المصلحة للطعام من الملح، والفلفل، وغير ذلك، فقيل له في قوله تعالى: {بِما يَنْفَعُ النّاسَ}. {وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ} يعني: الأمطار التي بها إنعاش العباد، وإخراج النبات، والأرزاق التي بها حياة كلّ ذي روح من الإنسان، والحيوان، وهو فحوى قوله تعالى: {فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها} أي: فأظهر الله النبات من الأرض بعد نزول المطر عليها، فأظهر حسنها، وبهجتها، ونضارتها بعد أن كانت يابسة، لا نبات فيها، قال تعالى في سورة (الحج): {فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}.

{وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ:} فرّق، ونشر، والبثّ: النشر، والتفريق، و {دَابَّةٍ:} ما يدبّ على الأرض، من الإنسان، والحيوان، والهوام، والطير، وغير ذلك؛ إذ كلّ ماش على الأرض دابّة، وتجمع على «دواب»، قال تعالى في سورة (الأنفال): {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ}.

{وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ:} تصريفها: إرسالها عقيما، وملقحة، وصرّا، ونصرا، وهلاكا، وحارة، وباردة، وليّنة، وعاصفة. والرّيح في الأصل الهواء المسخّر بين السماء والأرض، وهو جسم متحرّك لطيف، ممتنع بلطفه من القبض عليه، يظهر للحسّ بحركته، ويخفى عن البصر بلطفه، وهو حياة كلّ نام، من إنسان، وحيوان، ونبات، مثل الماء، بل الحاجة إليه أشدّ، وأصله:

الرّوح، قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، والجمع: أرواح، ورياح، وأصل رياح: رواح، فعل به كما فعل بأصل ريح، والأكثر في الريح التأنيث، كما في قوله تعالى: {جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ} وقد تذكّر على معنى الهواء.

والرياح الأصول أربع: إحداها: الشّمال، وتأتي من ناحية الشّمال، وهي شمال من استقبل مطلع الشمس، وهذه الريح حارة في الصيف، باردة في الشتاء، والثانية: الجنوب، وهي مقابلتها، أي: تأتي من جهة يمين من استقبل مطلع الشّمس، وهي الريح اليمانيّة، والثالثة:

الصّبا بفتح الصّاد، وتأتي من مطلع الشمس، وتسمّى: القبول أيضا، والرابعة: الدّبور، وتأتي من مغرب الشمس، وما أتى منها من بين تلك الجهات؛ يقال لها: النّكباء، ثمّ إن خرجت من بين الجنوب، والشرق؛ قيل لها: أزيب: بفتح الهمزة، وسكون الزاي، وفتح الياء، وإن خرجت من بين الشّمال، والغرب، قيل لها: جربيا: بكسر الجيم وسكون الراء، وكسر الباء، وإن خرجت من بين الشّمال، والشرق، قيل لها: صابية، وإن خرجت من بين الجنوب، والغرب، قيل لها: هيف: بفتح الهاء، وسكون الياء، وقد جمع النواحي الثمانية بقوله: [الطويل]

<<  <  ج: ص:  >  >>