{يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ} أي: الماء الحار الذي انتهت حرارته. {يُصْهَرُ بِهِ:}
يذاب بالحميم، والصهر: إذابة الشحم، وغيره من المعادن على اختلاف أنواعها، ولا سيما في هذا العصر، قال ابن أحمر يصف فرخ قطاة: [الرجز]
تروي لقى ألقي في صفصف... تصهره الشمس فما ينصهر
أي: تذيبه الشمس، فيصبر على ذلك، واللقى: الشيء الملقى لهوانه، والصفصف:
المستوي من الأرض. فعن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ الحميم ليصبّ على رؤوسهم، فينفذ حتّى يخلص إلى جوف أحدهم، فيسلت ما في جوفه حتّى يمرق من قدميه، وهو الصّهر، ثمّ يعاد كما كان». أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. ولا تنس: قوله في سورة (محمد) صلّى الله عليه وسلّم: {وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ}. {وَالْجُلُودُ} أي: تحرق الجلود، أو تشوى الجلود، فإن الجلود لا تذاب، ولكن يضم في كل شيء ما يليق به، فهو كما تقول: أتيته فأطعمني ثريدا، أي والله ولبنا قارصا، قال الشاعر: [الرجز]
علفتها تبنا وماء باردا... حتّى غدت همّالة عيناها
ولنا كلام طويل في تفسير قوله تعالى في سورة (الحشر): {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدّارَ وَالْإِيمانَ} إن شاء الله تعالى. وانظر الآية رقم [١٢] من سورة (الفرقان)، ففيها بحث جيد. بعد هذا انظر شرح: {رَبُّكُمْ} في الآية رقم [٨] من سورة (الإسراء)، وشرح (الكفر) في الآية رقم [٣٠] من سورة (الأنبياء)، وشرح (النار) في الآية رقم [١٠] من سورة (طه). أما {ثِيابٌ} فهو جمع:
ثوب، والقياس: ثواب، فقلبت الواو ياء لمناسبة الكسرة قبلها. انظر إعلال الصيام في الآية رقم [١٨٣] من سورة (البقرة)، فالبحث فيها جيد.
الإعراب: {هذانِ:} مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الألف نيابة عن الضمة؛ لأنه مثنى، وبعضهم يقول: مبني على الألف يعتبره مبنيا كباقي أسماء الإشارة، والهاء حرف تنبيه لا محل له.
{خَصْمانِ:} خبر المبتدأ مرفوع... إلخ، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد.
{اِخْتَصَمُوا:} ماض، وفاعله، والألف للتفريق. {فِي رَبِّهِمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة، ومن إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، وجملة: {اِخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} في محل رفع صفة {خَصْمانِ} على المعنى كقوله تعالى: {فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ} وقوله: {وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا،} وقال الجمل: حالية، ولا أراه وجيها؛ لأن خصمان نكرة، إلا إذا كان يريد من الضمير المستتر في خصمان على تأويله بفرق ونحوه، وأجيز اعتبارها خبرا، وخصمان بدلا من {هذانِ} والمعتمد الأول. {فَالَّذِينَ:} الفاء: حرف تفريع واستئناف.
(الذين): اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ، وجملة: {كَفَرُوا} مع المتعلق