للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقديره: ولو ترى يا محمد الذين ظلموا في حال رؤيتهم العذاب، وفزعهم، واستعظامهم له؛ لأقرّوا: أنّ القوة لله. وتقدير آخر: ولو ترى يا محمد الذين ظلموا في حال رؤيتهم العذاب، وفزعهم منه؛ لعلمت: أنّ القوّة لله جميعا. وقد كان النبي صلّى الله عليه وسلّم علم ذلك، ولكن خوطب، والمراد أمته، فإن فيهم من يحتاج إلى تقوية علمه بمشاهدة مثل هذا. انتهى قرطبي بتصرف.

هذا؛ وفائدة هذا الكلام المبالغة في تهويل الخطب، وتفظيع الأمر، فإن اختصاص القوّة به تعالى لا يوجب شدّة العذاب بجواز تركه عفوا مع القدرة عليه. انتهى جمل.

تنبيه: في هذه الآية أضيفت {إِذْ} لما هو مستقبل، ويحصل يوم القيامة، لكنّه لتحقّق وقوعه عبّر عنه بما يعبّر عن الماضي، وذلك؛ لأنّ خبر الله تعالى المستقبل في الصّحة كالماضي، وهو مما يتكرّر في القرآن الكريم، كقوله تعالى في سورة (غافر) رقم [٧١]: {إِذِ الْأَغْلالُ..}. إلخ. وعكسه قوله تعالى في سورة (الجمعة): {وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً..}. إلخ. انظر شرح الآيتين في محلّهما.

الإعراب: {وَمِنَ:} الواو: حرف استئناف. ({مِنَ النّاسِ}): متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر مقدم. {مِنَ:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخّر، هذا هو الظاهر، ولا أرتضيه، بل ولا أعتمده. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٨].

{يَتَّخِذُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى {مِنَ} تقديره: هو، والجملة الفعلية صلة ({مِنَ}) أو صفتها، والعائد أو الرابط رجوع الفاعل إليها. {مِنْ دُونِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعوله الثاني تقدّم على الأول، و {دُونِ} مضاف. و {اللهِ} مضاف إليه. {أَنْداداً:}

مفعوله الأول. {يُحِبُّونَهُمْ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله، والهاء مفعوله، والجملة الفعلية فيها ثلاثة أوجه: أحدها: أن تكون في محل رفع صفة: {مِنَ} في أحد وجهيها، والضّمير المرفوع يعود إليها بعد اعتبار اللفظ في فاعل: {يَتَّخِذُ،} والثاني: أن تكون في محل نصب صفة: {أَنْداداً} والضمير المنصوب يعود إليهم، فهو رابط الصّفة، وإنما جمعوا جمع العقلاء؛ لأنّ المشركين يعاملونهم معاملة العقلاء. والثالث: أن تكون في محل نصب حال من فاعل:

{يَتَّخِذُ} المستتر، وقد أفرد في الأول حملا على اللفظ، وجمع في الثاني: حملا على المعنى.

{كَحُبِّ:} متعلقان بمحذوف صفة مصدر محذوف واقع مفعولا مطلقا. التقدير: يحبونهم حبّا كائنا كحب الله. وهذا ليس مذهب سيبويه، وإنّما مذهبه في مثل هذا التركيب أن يكون منصوبا على الحال من المصدر المضمر المفهوم من الفعل المتقدّم. وإنّما أحوج سيبويه إلى هذا؛ لأنّ حذف الموصوف وإقامة الصّفة مقامه لا يجوز إلا في مواضع محصورة، وليس هذا منها. انتهى جمل نقلا من السمين. و (حبّ) مضاف، و {اللهِ:} مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف؛ أي: كحبهم الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>