للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشروط ثلاثة: أن يخاف الزنى، وأن يفقد مهر حرة، أو ثمن أمة، وأن يفعله بيده، وبالجملة:

فإن فعله حرام، ومضر بالصحة كما ثبت طبيا، ولو قام الدليل على جوازه؛ لكان ذو المروءة يعرض عنه لدناءته، ومع هذا فالدليل ضعيف، وهو عار بالرجل الدنيء، فكيف بالرجل الشريف؟ وسئل عطاء عنه، فقال: مكروه، سمعت أن قوما يحشرون، وأيديهم حبالى، فأظن أنهم هؤلاء. وقال سعيد بن جبير-رحمه الله تعالى-: عذّب الله أمة كانوا يعبثون بمذاكيرهم.

وأما المتعة؛ فهي عقد مؤقت يعقده الرجل على امرأة يحل له زواجها شرعا بأجر معين مقبوض، فإذا انتهت المدة المتعاقد عليها تخلص منه بدون طلاق؛ لأنها كالمستأجرة. وقد كان للمتعة في التحليل، والتحريم أحوال، فمن ذلك: أنها كانت مباحة، ثم حرمها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زمن خيبر، ثم حللها في غزوة فتح مكة، ثم حرمها بعد ذلك تحريما أبديّا. ويقال: إن عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما-كان يقول بتحليلها، ثم رجع إلى التحريم حينما بلغه أحاديث النبي صلّى الله عليه وسلّم وتأكد من صحتها، ويروى أن المأمون العباسي أباحها للمجاهدين، وهم بعيدون عن أهليهم، فدخل عليه العالم الجليل يحيى بن أكثم، وهو يرتعد غضبا، فقال المأمون: ما للإمام يشتاط غضبا؟ فقال الإمام العظيم: كيف لا؛ وقد انتهكت حرمات الله، وأحلّ ما حرّم الله، ورسوله؟ قال المأمون: ومن فعل ذلك؟ فقال: أمير المؤمنين فعل ذلك. قال: وكيف كان ذلك؟ قال: ألم تحل المتعة؛ وقد حرمها الله ورسوله إلى يوم القيامة؟ قال: أليست تحل بعقد شرعي، ومهر، ورضا، واختيار مع رشد، وعقل؟! قال: يا أمير المؤمنين! فالله يقول: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٥) إِلاّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ} أهي زوجة ترث وتورث؟ قال: لا! قال: أيلحق الولد المتمتع إذا كان بعيدا عن البلد المتمتع بها؟ قال: لا! قال: أيلحقها ولدها التي أتت به من المتعة؟ قال: لا! قال: أهي أمة في ملك اليمين؟ قال: لا! قال: فإذا هي محرمة إذا كانت ليست زوجة بالمعنى الصحيح، ولا أمة بملك. فرجع المأمون عن تحليلها، واستغفر الله.

وأخيرا أقول: تأباها المروءة والشرف، فأي رجل فيه شيء من ذلك، ثم هو يرضى بأن يسلم أخته، أو ابنته لشخص أياما معدودة، ثم هو يردها له، وقد تكون حملت منه بولد، ثم ما مصير هذا الولد؟ هل هو لقيط، أو ابن زنى، أو هو ولد شرعي؟ فيجب أن يرث من والده، وينتسب إليه، وهل يتأتى هذا في نكاح المتعة؟.

تنبيه: قد تحرم الزوجة، أي: إتيانها لعارض حيض، أو نفاس، وقد صرحت به آية البقرة رقم [٢٢١] هذا؛ و {أَزْواجِهِمْ} جمع: زوج، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٩٠] من سورة (الأنبياء). هذا؛ وإجراء (ما) وهي لغير العاقل على الإماء، وهن عاقلات؛ لأنهن ناقصات عقل، ولأنهن يبعن، ويشترين كالبهائم، كما أطلقت على النساء الحرائر في قوله تعالى: {فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ} للسبب الأول فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>