لأهل الأرض من أن يمطروا ثلاثين صباحا». وفي رواية:«أربعين صباحا». رواه النسائي هكذا مرفوعا في الرواية الأولى، وموقوفا في الثانية، ورواه ابن ماجه مرفوعا في الأولى، ورواه ابن حبان في الأولى باختصار، وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يوم من إمام عادل أفضل من عبادة ستّين سنة، واحدّ يقام في الأرض بحقّه أزكى فيها من مطر أربعين عاما». رواه الطبراني. وعن عبادة بن الصامت-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«أقيموا حدود الله في القريب والبعيد، ولا تأخذكم في الله لومة لائم». رواه ابن ماجه.
{فِي دِينِ اللهِ:} في حكم الله، وطاعته، وإقامة حدوده؛ ولذلك قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حديث المخزومية التي سرقت:«وايم الله لو أنّ فاطمة بنت محمّد سرقت لقطعت يدها». رواه الستة عن عائشة-رضي الله عنها-. {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ:} فإن الإيمان يقتضي الجدّ في طاعة الله، والاجتهاد في إقامة حدوده، وتنفيذ أحكامه. وهو من باب التهييج، وإلهاب الغضب لله تعالى، ولتنفيذ أوامره.
{وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أي: يحضر إقامة الحد عليهما جمع من المؤمنين، أقله ثلاثة، وذلك زيادة في التنكيل، فإن التفضيح، والتشهير قد ينكل أكثر ما ينكل التعذيب، وأيضا فيه ردع لمن حضره، وزجر لمن سمع به، وهذا لا ريب فيه.
تنبيه: بالإضافة لما ذكرته من أحاديث في الآية رقم [٣٢] من سورة (الإسراء) أذكر هنا ما يلي: عن حذيفة-رضي الله عنه: -أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«يا معاشر النّاس اتّقوا الزّنى، فإنّ فيه ستّ خصال، ثلاثا في الدّنيا، وثلاثا في الآخرة، فأمّا اللّواتي في الدّنيا: فيذهب البهاء، ويورث الفقر، وينقص العمر. وأمّا اللّواتي في الآخرة: فيوجب السّخط، وسوء الحساب، والخلود في النار». وعن أنس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«إنّ أعمال أمّتي تعرض عليّ في كلّ جمعة مرّتين فاشتدّ غضب الله على الزّناة». وعن بريدة-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«إنّ السموات السّبع، والأرضين السّبع ليلعنّ الشّيخ الزّاني، وإنّ فروج الزّناة ليؤذي أهل النار نتن ريحها».
والمراد بالشيخ: من تجاوز الأربعين من عمره، وهذا الوعيد يشمل الذكر، والأنثى على السواء.
الإعراب:{الزّانِيَةُ:} مبتدأ. {وَالزّانِي:} معطوف على المبتدأ مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، وفي الخبر وجهان: أحدهما: محذوف، وهو قول سيبويه، التقدير: فيما يتلى عليكم، أو فيما فرض عليكم حكم الزانية، فقد حذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، وعند المبرد الخبر هو جملة:{فَاجْلِدُوا} وهو موافق للكوفيين في هذا، ودخلت الفاء في الخبر زائدة؛ لأن الكلام في معنى الشرط التقدير: التي تزني؛ والذي يزني فاجلدوا... إلخ. هذا؛ وقد قرئ بالنصب على إضمار فعل يفسره المذكور، وهذا هو المختار في أمثاله؛ لأن الخبر لا يكون إنشاء إلا بإضمار، وتأويل. هذا؛ ومثل هذه الآية في أوجه الإعراب الآية رقم [٣٨] من