للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعكرمة: {باغٍ} قاصد للشّهوة، واللّذة، و {عادٍ} متجاوز مقدار الحاجة من سدّ الرّمق، ودفع الخوف، والتخلّص من الإكراه. وبه قال المفسّرون من أئمة الحنفية، وغيرهم، وانظر الآية رقم [٩٠].

هذا؛ وربما استعمل البغي في طلب غير الفساد، والعرب تقول: خرج الرّجل في بغاء إبل له، ومنه قول الشاعر: [مجزوء الكامل]

لا يمنعنّك من بغا... ء الخير تعتاد الرّتائم

إنّ الأشائم كالأيا... من والأيامن كالأشائم

بعد هذا، فأنا أعلّمها لك، فأقول-وبالله التوفيق-: أصل باغ: باغي، بكسرة على الياء علامة للجر، أو بضمة على الياء علامة للرفع، وبتنوين الصرف، لكن استثقلت الكسرة، أو الضمة على الياء بعد كسرة، فسكنت الياء، فالتقى ساكنان: الياء، والتنوين، فحذفت الياء لعلة الالتقاء، وبقيت الغين مكسورة على ما كانت عليه قبل الإعلال، فقيل: باغ بالكسر، وإنما لم يقل بالرفع؛ لأنّ الياء محذوفة لعلة الالتقاء كالثابتة فتمنع الرفع للغين. وهكذا قل في إعلال كل اسم منقوص مجرد من: ال، والإضافة، سواء أكان ثلاثيّا، أو رباعيّا، وعاد مثله، أصله:

عادي. وقال القرطبيّ-رحمه الله تعالى-: أصله: عائد، فهو من المقلوب، كشاكي السّلاح، وهار، ولاث، والأصل: شائك، وهائر، ولائث. {فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ:} فلا مؤاخذة، ولا جناح في أكله الميتة، وما عطف عليها في حال الضّرورة. {غَفُورٌ:} لعبده المؤمن إذا فعل ذلك، وهو صيغة مبالغة. {رَحِيمٌ:} بهم؛ حيث رخّص لهم الأمور المحظورة في حال الضرورة.

الإعراب: {إِنَّما:} كافة ومكفوفة مفيدة للحصر. {حَرَّمَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى الله، تقديره: «هو». {عَلَيْكُمُ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {الْمَيْتَةَ:} مفعول به منصوب، وما بعده معطوف عليه، هذا، ويقرأ برفع «الميتة» وما بعده، وخرج على أنّ (ما) غير كافة ل‍ (إنّ) فهي عاملة و (ما) اسم موصول مبني على السكون في محل نصب اسمها على حدّ قوله تعالى في سورة (طه): {إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ} وجملة: {حَرَّمَ عَلَيْكُمُ} صلة الموصول، والعائد محذوف، التقدير: إنّ الذي حرّمه الله عليكم: {الْمَيْتَةَ}.

وهذه القراءة قراءة ابن أبي عبلة، وقرئ «حرّم» بالبناء للمجهول، وخرج على وجهين:

أحدهما: أنّ (ما) غير كافة، وهي اسم (إنّ) كما تقدّم، ونائب الفاعل يعود إلى (ما) الموصولة، وهو العائد، والجملة صلة لها، و {الْمَيْتَةَ} خبر ({إِنَّ}). والوجه الثاني: أنّ (ما) كافة لها، وأنّ {الْمَيْتَةَ} بالرّفع نائب فاعل: {حَرَّمَ،} وهذه قراءة أبي جعفر بن القعقاع، والقراءتان غير سبعيتين، وسواء أكانت الجملة فعلية، أم اسمية، فهي مستأنفة لا محل لها من الإعراب.

<<  <  ج: ص:  >  >>