لعلي كرم الله وجهه:«يا عليّ! لا تتبع النّظرة النظرة، فإنما لك الأولى، وعليك الثانية». وفي رواية:«وليست لك الآخرة». والأحاديث في ذلك كثيرة مسطورة.
خاتمة: نظر الرجل إلى المرأة على ستة أضرب: أحدها: نظره-ولو كان شيخا هرما، عاجزا عن الوطء-إلى أجنبية لغير حاجة؛ فغير جائز. الثاني: نظره إلى زوجته، فيجوز أن ينظر كل شيء منها حتى الفرج مع الكراهة. والثالث: نظره إلى ذوات محارمه، فيجوز فيما عدا ما بين السرة والركبة إذا كان بغير شهوة. والرابع: النظر لأجل النكاح أي نظر الخاطب إلى خطيبته، وبالعكس، فيجوز إلى الوجه والكفين. والخامس: النظر للمداواة، فيجوز إلى المواضع التي يحتاج إليها، وهذا عند فقد امرأة تعالج المرأة، فإن وجدت امرأة مسلمة؛ فهي أحق، وإذا لم توجد مسلمة؛ فامرأة كافرة أحق من الرجل؛ وإن كان مسلما صالحا. والسادس: النظر للشهادة عليها، أو للمعاملة معها، فيجوز النظر إلى الوجه خاصة، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{قُلْ:} أمر، وفاعله مستتر تقديره:«أنت». {لِلْمُؤْمِنِينَ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {يَغُضُّوا:} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: هو جواب {قُلْ}. وتقدير الكلام: إن تقل لهم يغضوا، قاله الأخفش، ورده قوم، قالوا: لأن قول الرسول لهم لا يوجب أن يغضوا، وهذا عندي لا يبطل قوله؛ لأنه لم يرد أمر الكفار، بل المؤمنين كما هو واضح، وإذا قال لهم الرسول: غضوا أبصاركم؛ غضوها؛ لأنهم مأمورون بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، استجابة لقوله تعالى:{وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}.
والوجه الثاني: حكي عن المبرد، وهو أن التقدير: قل لهم: غضوا؛ يغضوا، فيغضوا المصرح به جواب غضوا المحذوف، حكاه جماعة عنه، ولم يتعرضوا لإفساده، وهو فاسد لوجهين: أحدهما: أن جواب الشرط، يخالف الشرط، إما في الفعل، وإما في الفاعل، أو فيهما، فأما إذا كان مثله في الفعل والفاعل فهو خطأ، كقولك: قم تقم، والتقدير على ما ذكر في هذا الوجه: إن يغضوا يغضوا، والوجه الثاني أن الأمر المقدر للمواجهة، ويغضوا على لفظ الغيبة، وهو خطأ إذا كان الفاعل واحدا.
والوجه الثالث من الأوجه الأولى: أنه مجزوم بلام محذوفة، تقديره: ليغضوا، فهو أمر مستأنف، وجاز حذف اللام لدلالة {قُلْ} على الأمر، وهذه التوجيهات أخذتها من إعراب الآية رقم [٣١] من سورة (إبراهيم) -على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-بالمقايسة بين ما هنا وهناك، فإن التعبير في الآيتين واحد، ولم يذكر أحد شيئا في إعراب الآية هنا، وما هناك منقول عن أبي البقاء العكبري، ومكي بن أبي طالب القيسي، مع الإشارة إلى ما ذكره ابن هشام في مغنيه. رحم الله الجميع رحمة واسعة، وشملنا معهم ببره، وإحسانه، وفضله، وكرمه، وجوده.