وعن أبي أمامة الباهلي-رضي الله عنه-عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«إيّاك والخلوة بالنّساء، والّذي نفسي بيده، ما خلا رجل بامرأة إلاّ ودخل الشّيطان بينهما، ولأن يزحم رجل خنزيرا متلطّخا بطين، أو حمأة خير من أن يزحم منكبه منكب امرأة لا تحلّ له». رواه الطبراني.
تنبيه: قال مكي بن أبي طالب القيسي-رحمه الله تعالى-: ليس في كتاب الله تعالى آية أكثر ضمائر من هذه الآية، جمعت خمسة وعشرين ضميرا للمؤمنات، من مخفوض ومرفوع.
تنبيه: قرأ الجمهور: (أيّه) بفتح الهاء، وبدون ألف، وقرأ ابن عامر بضمها، ووجهه أن تجعل الهاء من نفس الكلمة، فيكون إعراب المنادى فيها. وضعف أبو علي الفارسي ذلك جدا، وقال: آخر الاسم هو الياء الثانية من «أيّ» فالمضموم ينبغي أن يكون آخر الاسم، ولو جاز ضم الهاء ها هنا لاقترانها بالكلمة لجاز ضم الميم في (اللهم) لاقترانها بالكلمة في كلام طويل، والصحيح: أنه إذا ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قراءة، فليس إلا اعتقاد الصحة في اللغة، فإن القرآن هو الحجة، وأنشد الفراء:[الرجز]
يا أيّه القلب اللّجوج النّفس... أفق عن البيض الحسان اللّعس
وبعضهم يقف (أيّه) وبعضهم يقف (أيها) بالألف؛ لأن علة حذفها في الوصل، إنما هو سكونها وسكون اللام، فإذا كان الوقف ذهبت العلة، فرجعت الألف. وهذا الاختلاف الذي ذكرناه كذلك هو في الآية رقم [٤٩] من سورة (الزخرف) في قوله تعالى: {وَقالُوا يا أَيُّهَا السّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ} وأيضا في الآية رقم [٣١] من سورة (الرحمن) في قوله تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ} انتهى. قرطبي، وقد رسمت الهاء في هذه المواضع الثلاثة بدون ألف، وثبتت في غير هذه المواضع حملا لها على الأصل، كما تراه في جميع آيات القرآن، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{يَغْضُضْنَ:} مضارع مبني على السكون، لا تصاله بنون النسوة، والنون فاعله، وهو في محل جزم، والكلام فيه كما في الآية السابقة. {مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ:} قل في هذا الكلام ما رأيته في الآية السابقة من الإعراب، والهاء فيهما وفيما يأتي في محل جر بالإضافة، والنون فيهما، وفيما يأتي حرف دال على جماعة الإناث. {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): ناهية جازمة. {يُبْدِينَ:} مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة، وهو في محل جزم بلا الناهية، والنون فاعله، والجملة الفعلية معطوفة على جملة:{يَغْضُضْنَ..}. إلخ على جميع الوجوه المعتبرة فيها. {زِينَتَهُنَّ:} مفعول به... إلخ. {إِلاّ:} أداة استثناء. {ما:}
اسم موصول أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب على الاستثناء. وقيل: بدل من {زِينَتَهُنَّ} ولا وجه له. {ظَهَرَ:} ماض، والفاعل يعود إلى {ما} وهو العائد، أو الرابط.
{مِنْها:} متعلقان بمحذوف حال من الفاعل المستتر، و (من) بيان لما أبهم في {ما،} والجملة