للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين، أو في الدنيا، أو فيهما؛ فهو واجب له، كيف لا؟ وقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «من رزقه الله امرأة صالحة، فقد أعانه على شطر دينه، فليتّق الله في الشّطر الباقي». أخرجه الطبراني في الأوسط، عن أنس-رضي الله عنه-. وفي رواية للبيهقي: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا تزوّج العبد؛ فقد استكمل نصف الدّين؛ فليتّق الله في النصف الباقي». وأقول: إن المرأة في هذه الأيام صارت الدين كله، وكذلك المرأة إن كانت محتاجة للنكاح لعدم نفقة، أو خوف زنى.

وأما من لا تتوق نفسه إلى الزواج، وهو قادر عليه؛ فالتخلي للعبادة أفضل له من النكاح، كيف لا؟ وقد روى عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنه قال: «يا معشر الشّباب من استطاع منكم الباءة فليتزوّج، فإنّه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصّوم، فإنّه له وجاء». أخرجه البخاري، ومسلم، وغيرهما، الباءة: كناية عن الجماع، كما تفسر بمؤن النكاح، والوجاء بكسر الواو: رضّ الأنثيين، وهو نوع من الخصاء، فالصوم يكسر شهوة الشاب، وكذلك المرأة، فالتخلي للعبادة أفضل لها؛ إن كانت غير محتاجة... إلخ.

هذا؛ والنكاح لغة: الضم، يقال: تناكحت الأشجار؛ أي: انضم بعضها إلى بعض، وشرعا عقد يتضمن إباحة وطء بلفظ إنكاح، أو تزويج، وهو حقيقة في العقد، مجاز في الوطء على الأصح عندنا معاشر الشافعية، والكفاءة معتبرة في النكاح، ولها شروط ستة عند الحنفية، وهي:

العلم، والمال، والسن، والجمال، والنسب، والدين، وأما عند الشافعية فقد نظمها بعضهم بقوله: [الكامل]

شرط الكفاءة خمسة قد حرّرت... ينبيك عنها بيت شعر مفرد

نسب ودين حرفة حرّية... فقد العيوب، وفي اليسار تردّد

وأما في هذه الأيام فلم يعد لهذه الأمور اعتبار إلا المال، فإنه الميزان الذي توزن به النساء والرجال كما قال القائل: [الكامل]

قالوا: الكفاءة ستّة فأجبتهم... قد كان هذا في الزّمان الأقدم

أمّا بنو هذا الزّمان فإنهم... لا يعرفون سوى يسار الدّرهم

وفي الآية الكريمة حث، وترغيب في نكاح الصالحين، والصالحات، ولو كانوا عبيدا، وإماء، أو فقراء، كيف لا؟ وقد روى أبو هريرة-رضي الله عنه-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدّين تربت يداك!». رواه الستة إلا الترمذي، وكذلك الرجل ينكح للأربعة المذكورة، بل نفر الرسول صلّى الله عليه وسلّم من زواج امرأة ليست ذات دين، فعن أنس-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من تزوّج امرأة لعزّها؛ لم يزده الله إلاّ ذلاّ، ومن تزوّجها لمالها؛ لم يزده الله إلاّ فقرا، ومن تزوّجها لحسبها؛ لم يزده الله

<<  <  ج: ص:  >  >>