للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلاّ دناءة، ومن تزوّج امرأة لم يرد بها إلاّ أن يغضّ بصره، ويحصّن فرجه، أو يصل رحمه؛ بارك الله له فيها، وبارك الله لها فيه». رواه الطبراني في الأوسط، وعن عبد الله بن عمر-رضي الله عنه-قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تزوّجوا النّساء لحسنهنّ، فعسى حسنهنّ أن يرديهنّ، ولا تزوّجوهنّ لأموالهنّ؛ فعسى أموالهنّ أن تطغيهنّ، ولكن تزوّجوهنّ على الدّين، والخلق، ولأمة خرماء سوداء ذات دين أفضل». رواه ابن ماجه. والعكس صحيح.

بعد هذا ف‍: {الْأَيامى:} جمع: أيم، وهي من ليس لها زوج؛ بكرا كانت، أو ثيبا، ومن ليس له زوج؛ بكرا كان، أو ثيبا، وقد آم، وآمت، وتأيّما: إذا لم يتزوجا؛ بكرين كانا، أو ثيّبين. قال الشاعر: [الطويل]

فإن تنكحي أنكح، وإن تتأيّمي... وإن كنت أفتى منكم أتأيّم

وقال جميل بن معمر العذري: [الطويل]

أحبّ الأيامى إذ بثينة أيّم... وأحببت لمّا أن غنيت الغوانيا

ويقال: أيّم بيّن الأيمة، وقد آمت هي، وإمت أنا. قال الشاعر: [الطويل]

لقد إمت حتّى لامني كلّ صاحب... رجاء بسلمى أن تئيم كما إمت

و {الْأَيامى} أصله: يتائم، مثل اليتامى أصله: أيائم فقلبا. {عِبادِكُمْ:} جمع: عبد، ويجمع على عبيد، وأعبد وعبدان، والمراد هنا الأرقاء، ويطلق لفظ العبد على الحر أيضا، كيف لا؟ وقد أطلق الله هذا اللفظ على حبيبه محمد صلّى الله عليه وسلّم، وأضافه إلى نفسه تشريفا وتكريما في كثير من الآيات. (إمائكم): جمع أمة، والمراد به هنا: الرقيقات، والمملوكات، كما يطلق على الحرة؛ فقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما من عبد، ولا أمة إلاّ وله ثلاثة أخلاّء...». الحديث.

{إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ} أي: لا تمتنعوا من زواج الرجل، وتزويج المرأة بسبب الفقر، فقد وعد الله المتزوجين الطالبين العفة بالزواج، والراغبين في طاعته تعالى بالغنى، وهذا شرط اشترطه الله تعالى بقوله: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}. وقد روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «التمسوا الرّزق بالنّكاح». وقال عمر-رضي الله عنه-: (عجب لمن لا يطلب الغنى بالنكاح) فإن قيل: كثيرا ما نجد الناكح فقيرا معدما، قلت: ينبغي أن يعرف العبد ما شرطه الله للغنى، وهو التقوى كما رأيت، وكذلك ما قيده بإرادته ومشيئته، ولا يشاء الحكيم العليم إلا ما اقتضته الحكمة، وما فيه مصلحة، فقد قال جل ذكره: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.

فمن لم ينس هذه الشريطة لم ينتصب معترضا بعزب كان غنيا، فأصبح فقيرا بالنكاح، وبفاسق تاب، واتقى الله، وكان له شيء، فأصبح فقيرا بعد توبته. {وَاللهُ واسِعٌ} أي: غني ذو سعة لا يرزؤه إغناء الخلائق وهو أيضا واسع الفضل والرحمة، وواسع القدرة والعلم والحكمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>