للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرة، وتفسيرات عديدة، فقد قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: معناه: الله هادي السموات، والأرض، فهم بنوره إلى الحق يهتدون، وبهدايته من حيرة الضلالة ينجون. وقيل: معناه: الله منوّر السموات والأرض، وقد قرئ به، وقيل: نور السماء بالملائكة، ونور الأرض بالأنبياء، وقيل:

معناه: مزين السموات والأرض، زين السماء بالشمس، والقمر، والنجوم، وزين الأرض بالأنبياء، والعلماء، والمؤمنين، يقال: زين الأرض بالنبات، والأشجار، وقيل: معناه: أن الأنوار كلها منه تعالى. وقد يذكر هذا اللفظ على طريق المدح، فيستعمل مجازا فيما صح من المعاني ولاح: فيقال منه: كلام له نور، ومنه الكتاب المنير، ومنه قول الشاعر: [الكامل]

نسب كأنّ عليه من شمس الضّحى... نورا، ومن فلق الصّباح عمودا

والناس يقولون: فلان نور البلد، وشمس العصر، وقمره، قال النابغة الذبياني في مدح النعمان بن المنذر: [الطويل]

فإنّك شمس والملوك كواكب... إذا طلعت لم يبد منهنّ كوكب

فيجوز أن يقال: لله تعالى نور، من جهة المدح؛ لأنه أوجد الأشياء، ونور جميع الأشياء منه ابتداؤها، وعنه صدورها، وهو سبحانه ليس من الأضواء المدركة، تنزه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا. وجملة القول: إن بالله تعالى وبقدرته أنارت أضواء السموات والأرض، واستقامت أمورها، وقامت مصنوعاتها. فالكلام على التقريب للذهن.

{مَثَلُ نُورِهِ} أي: مثل نور الله عز وجل في قلب المؤمن، وهو النور الذي يهتدي به.

وقيل: أراد بالنور: القرآن. وقيل: هو محمد صلّى الله عليه وسلّم، وقيل: هو الطاعة، سمى سبحانه طاعته نورا، وأضاف هذه الأنوار إلى نفسه تشريفا، وتفضيلا، وعلى الثلاثة الأخيرة فيها عود الضمير على من لم يجر له ذكر.

{كَمِشْكاةٍ:} هي الكوة في الحائط غير النافذة، قاله ابن جبير، وجمهور المفسرين، وهي أجمع للضوء، والمصباح فيها أكثر إنارة منه في غيرها، وهي على وزن مفعلة كالمقراض، والمصفاة، قال الشاعر: [البسيط]

كأنّ عينيه مشكاتان في حجر... قيضا اقتياضا بأطراف المناقير

{الْمِصْباحُ:} الفتيل الذي تشتعل فيه النار للإضاءة، و {الزُّجاجَةُ} جسم شفاف، والمصباح فيه أضوأ، وأنور منه في غير الزجاج. {كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} أي في الإنارة، والضوء، والمراد ب‍: {كَوْكَبٌ} أحد الكواكب الخمسة السيارة، التي هي: زحل، والمشتري، والمريخ، والزهرة، وعطارد، ووصفه ب‍: {دُرِّيٌّ} أي شديد الإنارة نسبة إلى الدر في صفائه، وحسنه، وإن كان الكوكب أضوأ من الدر، لكنه يفضل الكوكب بصفائه، كما يفضل الدر على سائر اللؤلؤ، قيل:

<<  <  ج: ص:  >  >>