للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يقال: فلان يملك جبالا من ذهب. والأول فحوى قول ابن عباس-رضي الله عنهما-، {فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ:} فيكون إصابته نقمة حيث يهلك من يصيبه، وأمواله، وزرعه، وهذا مشاهد في بعض السنين، ويكون صرفه نعمة، فلا يضر، وقد اقتضت حكمة الله تعالى أن ينزل البرد في الغالب في أواخر فصل الربيع، حين يكون الزرع قد قارب الحصاد، ولله في خلقه وحكمته شؤون، لا اعتراض عليها.

{يَكادُ سَنا بَرْقِهِ} أي: ضوء ذلك البرق الذي في السحاب. {يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ:} من شدة بريقه، وضوئه. هذا؛ والبرق مصدر: برق، يبرق: إذا لمع. والرعد: مصدر: رعد، يرعد، وهما معروفان ومشاهدان للناس جميعا، وتفسيرهما في الشرع غير تفسيرهما وشرحهما في العلم الحديث. هذا؛ وذكر الله في الآية رقم [١٣] من سورة (الرعد) أن الناس بعضهم يخافون من البرق ولمعانه، وبعضهم يطمعون فيما وراءه، وفيما يبشر به من مطر. هذا؛ و (السنا) بالقصر الضوء، وشدة بريق البرق، قال الشماخ: [الوافر]

وما كادت إذا رفعت سناها... ليبصر ضوءها إلاّ البصير

وهو أيضا نبت يتداوى به، و «السناء» بالمد: الرفعة، والعلو في الشرف والحسب، وقد قرأه طلحة بن مصرّف هنا بالمد على المبالغة في شدة الضوء، والصفاء، فأطلق اسم العلو، والشرف. هذا؛ ويقرأ {يَذْهَبُ} بفتح الياء من الثلاثي، وهي سبعية، وقرئ بضم الياء من الرباعي، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

هذا؛ والمشهور في العلم الحديث: أن الأبخرة إذا تصاعدت من البحار، والأنهار الموجودة في الأرض، ولم تحللها حرارة معينة، فبلغت الطبقة الباردة من الهواء، وقوي البرد هناك؛ اجتمع، وصار سحابا، فإن لم يشتد البرد تقاطر مطرا، وإن اشتد، فإن وصل إلى الأجزاء البخارية قبل اجتماعها نزل ثلجا، وإلا نزل بردا، وقد يبرد الهواء بردا مفرطا، فينقبض، وينعقد سحابا، وينزل منه المطر أو الثلج، وكل ذلك لا بد وأن يستند إلى إرادة الواجب الحكيم؛ لقيام الدليل على أنها الموجبة لا ختصاص الحوادث بمحالها، وأوقاتها. انتهى. بيضاوي بتصرف.

وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٣٠] من سورة (الأنبياء) تجد ما يسرك.

الإعراب: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً:} انظر الآية قبلها فالإعراب واحد. {ثُمَّ:} حرف عطف. {يُؤَلِّفُ:} مضارع، والفاعل يعود إلى الله. {بَيْنَهُ:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع مثلها.

{يَجْعَلُهُ:} مضارع، والفاعل يعود إلى {اللهَ} أيضا، والهاء مفعوله الأول. {رُكاماً:} مفعوله الثاني، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع أيضا. {فَتَرَى:} الفاء: حرف عطف، وسبب. (ترى): مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والفاعل

<<  <  ج: ص:  >  >>