للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواه الستّة إلا الترمذيّ. وعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لأن يتصدّق المرء في حياته، وصحّته بدرهم خير له من أن يتصدّق عند موته بمائة». رواه أبو داود، وغيره. وعن أبي الدّرداء-رضي الله عنه-قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «مثل الّذي يتصدّق عند موته، كمثل الّذي يهدي بعد ما يشبع». رواه النّسائيّ، وابن حبّان، وغيرهما.

هذا؛ وقد حذّر الرّسول صلّى الله عليه وسلّم من الحيف في الوصية، وشدّد النكير على الذين يجورون فيها.

وخذ ما يلي: فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ الرّجل ليعمل-أو المرأة-بطاعة الله ستّين سنة، ثمّ يحضرهما الموت، فيضارّان في الوصيّة، فتجب لهما النّار» ثمّ قرأ أبو هريرة-رضي الله عنه-قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} حتى بلغ: «ذلك الفوز العظيم». رواه أبو داود، والترمذيّ.

وإن الذين يحرمون البنات من أملاكهم في حياتهم، ويسجّلون للذكور خاصّة؛ حرمهم الله من رحمته، وأبعدهم من رضوانه، وجنّته! وحديث بشير بن النّعمان-رضي الله عنه-مشهور، ومسطور، فقد جاء إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وقال: يا رسول الله! إن ابنة رواحة أعجبها أن أشهدك على ما وهبت لابنها. فقال سيّد الخلق، وحبيب الحق، الناطق بالصدق: «أكلّ ولدك نحلت مثله؟» قال: لا، قال: «لا أشهد على جور! اتّقوا الله، واعدلوا في أولادكم». فالله يقول: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ،} وهم يقولون: المال، والملك كلّه للذكور خاصّة، ولا حظّ فيه للإناث.

الإعراب: {كُتِبَ:} فعل ماض مبني للمجهول، وفي نائب الفاعل ثلاثة أوجه: أحدها: أن يكون: {الْوَصِيَّةُ} وذكّر الفعل للفصل، ولكون {الْوَصِيَّةُ} مؤنثا مجازيّا، والثاني: أنه الإيصاء المدلول عليه بالوصية، أي: كتب هو، أي: الإيصاء. والثالث: أنه الجار والمجرور:

{عَلَيْكُمْ} وهذا يتجه على رأي الأخفش، والكوفيين، وعلى الوجهين الأولين فالجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما على أنهما في محل نصب مفعول به. انتهى جمل نقلا عن السّمين.

{إِذا:} ظرف زمان مجرد عن الشرطية متعلّق بالفعل قبله مبني على السّكون في محل نصب.

{حَضَرَ:} فعل ماض. {أَحَدَكُمُ:} مفعول به، والكاف في محل جر بالإضافة. {الْمَوْتُ:}

فاعله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة: {إِذا} إليها.

{إِنْ:} حرف شرط جازم. {تَرَكَ:} فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، والفاعل يعود إلى {أَحَدَكُمُ}. {خَيْراً:} مفعول به، واكتفى به؛ لأنّ الفعل بمعنى:

خلّى، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي، وجواب {إِنْ} محذوف دلّ عليه لفظ الوصية، التقدير: إن ترك خيرا؛ فليوص. {الْوَصِيَّةُ:}

نائب فاعل: {كُتِبَ؛} وعليه فالجملة الشرطية معترضة بين الفعل ونائب فاعله. {لِلْوالِدَيْنِ:}

<<  <  ج: ص:  >  >>