للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتباره مصدرا جاء قول الشاعر-مع اختلاف في قائله، والمراد به عثمان بن عفّان-رضي الله عنه-، وهو الشاهد رقم [٣٩٩] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [البسيط]

ضحّوا بأشمط عنوان السّجود به... يقطّع اللّيل تسبيحا وقرآنا

أي: قراءة. {هُدىً لِلنّاسِ} أي: هاديا لهم من الضّلالة. {وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ} أي: آيات، ودلائل، وحجج مبينة، واضحة، جلية لمن فهمها، وتدبرها، دالة على صحّة ما جاء به محمّد صلّى الله عليه وسلّم من الهدى المنافي للضّلال، والرشد المخالف للغيّ، ومفرقا بين الحقّ، والباطل، والحلال، والحرام.

{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ:} أي: إيجاب حتم على من حضر استهلال الشهر، وهو صحيح مقيم مطيق للصوم، مع صحة إسلامه أن يصوم أيام رمضان، وهذه الجملة ناسخة للإباحة المتقدّمة في الآية السابقة. {وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ} انظر الآية السابقة ففيها الكفاية.

{يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} أي: التيسير، والتسهيل، فلذا أباح لكم الفطر في المرض، والسّفر، ونحوهما من الأعذار. {وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ:} التعسير، والتشديد في الأحكام.

ففي الجملتين من المحسنات البديعية طباق السّلب. هذا؛ ويقرأ بتسكين السين في الكلمتين، وضمهما. وقال عيسى بن عمر رحمه الله تعالى: كلّ اسم على ثلاثة أحرف وسطها ساكن، فمن العرب من يخفّفه، ومنهم من يثقّله، وذلك مثل: حلم، ورحم، وعسر... إلخ.

هذا؛ ودلت الآية الكريمة على: أنّ الله سبحانه مريد بإرادة قديمة أزلية، زائدة على الذّات.

هذا مذهب أهل السّنّة، كما أنّه جلّت قدرته عالم بعلم، قادر بقدرة، حيّ بحياة، سميع بسمع، بصير ببصر، متكلم بكلام، وهذه كلّها معان وجودية أزلية زائدة على الذّات. وذهب المعتزلة، والشّيعة إلى نفيها، والّذي يقطع دابر هؤلاء أن يقال: لو لم يصدق كونه ذا إرادة؛ لصدق: أنه ليس بذي إرادة، ولو صح ذلك؛ لكان كل ما ليس بذي إرادة ناقصا بالنسبة إلى من له إرادة، فلم يبق إلا أن يكون الذي لم يتّصف بالإرادة أنقص ممّن هو متّصف بها، ولا يخفى ما فيه من المحال، فإنّه كيف يتصوّر أن يكون المخلوق أكمل من الخالق، والبديهة تقضي بردّه، وإبطاله، وقد وصف الباري نفسه جل جلاله، وتقدّست أسماؤه بأنّه مريد، فقال تعالى: {فَعّالٌ لِما يُرِيدُ} وقال جل شأنه:

{يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} وقال جلت قدرته: {وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.

{وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ} أي: عدّة أيام رمضان، وذلك بقضاء ما فاتكم منه بسبب المرض، والسفر، وغيرهما من الأعذار المبيحة للإفطار. {وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ} أي: في يوم عيد الفطر، وليلته، قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «زيّنوا أعيادكم بالتّكبير». {عَلى ما هَداكُمْ} أي: أرشدكم لمعالم

<<  <  ج: ص:  >  >>