فائدة: يجوز عند مالك، وأحمد-رحمهما الله-البيع في السّلم، وغيره إلى الحصاد، أو إلى الدياس، وعند الشّافعيّ، وأبي حنيفة رحمهما لا يجوز إلا بتعيين اليوم، والشهر، ولا خلاف في ذلك بين العلماء في بيع شيء بثمن معلوم إلى أجل معلوم من شهر عربي، أو روميّ.
تنبيه: ما في الآية الكريمة ممّا سأل عنه اليهود، واعترضوا به على النّبي صلّى الله عليه وسلّم: فقال معاذ بن جبل-رضي الله عنه-: يا رسول الله! إن اليهود تغشانا، وتكثر مسألتنا عن الأهلّة، فما بال الهلال يبدو دقيقا، ثم يزيد؛ حتى يستوي، ويستدير، ثم ينقص؛ حتى يعود كما كان؟ وكان ناس من الأنصار إذا أحرموا بالحجّ، أو بالعمرة لم يدخل أحد منهم حائطا، ولا دارا، ولا فسطاطا من باب، فإن كان من أهل الدّار نقب نقبا في ظهر بيته، يدخل منه، ويخرج، وإن كان من أهل الوبر خرج من خلف الخباء، وكانوا يعدون ذلك برّا، وعملا صالحا، ووجه اتصال الكلام ببعضه: أنهم سألوا عن الحكمة في اختلاف حال القمر، وعن حكم دخولهم بيوتهم من غير أبوابها، فنزلت الآية الكريمة في هذين السّببين.
تنبيه: في هذه الآية بيان: أنّ ما لم يشرعه الله قربة، ولا ندب إليه لا يصير قربة بأن يتقرب له به متقرّب. قال ابن خويز منداد: إذا أشكل ما هو برّ، وقربة بما ليس هو برّ، وقربة أن ينظر في ذلك العلم، فإن كان له نظير في الفرائض، والسنن؛ فيجوز أن يكون، وإن لم يكن؛ فليس ببرّ، ولا قربة. انتهى قرطبي. أقول: قد يكون حراما، وبدعة سيّئة، وما أكثر البدع في هذه الأيام، خذ منها الأذكار المشتملة على الرّقص، والدّبك، وما يحدث فيها من الهيام المخترع المسمّى بالحال، وأسوأ السوء فيه ما يحدث من ضرب الشّيش، وغير ذلك من الخزعبلات، والتّدجيل، ولا تنس الموالد وما يكون فيها من مغالاة، وما يقع فيها من إسراف، وتبذير، والمبذرون إخوان الشياطين، وما يحصل فيها من رياء، وحبّ السّمعة، والمحمدة.
تنبيه: علماء البلاغة يعدون القسم الأول من الآية الكريمة، بل ويسمّونه: أسلوب الحكيم، ويكون بتنزيل السؤال منزلة سؤال آخر مناسب لحالة المسألة، فجاء الجواب في الآية الكريمة عن الحكمة المترتّبة على ذلك؛ لأنّها أهمّ للسائل، فنزّل سؤالهم عن سبب الاختلاف منزلة السّؤال عن حكمته، ومثلها الآية رقم [٢١٤] الآتية.
الإعراب:{يَسْئَلُونَكَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعله، والكاف مفعول به، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. {عَنِ الْأَهِلَّةِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعوله الثاني. {قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: أنت، ومتعلقه محذوف، التقدير: قل لهم. {هِيَ:} ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {مَواقِيتُ:} خبره، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول.
{لِلنّاسِ:} متعلقان ب {مَواقِيتُ} أو بمحذوف صفة له، وهو أقوى. {وَالْحَجِّ:} معطوف على (الناس)، وجملة:{قُلْ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها؛ لأنها بمنزلة جواب لسؤال مقدّر.