للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما شأنكما؟ وحقيقته: ما مخطوبكما؛ أي: ما مطلوبكما من الذياد؟ فسمى المخطوب: خطبا.

هذا؛ والخطب: الأمر العظيم، والنازلة من نوازل الدهر، وجمعه: خطوب، قال جابر بن رألان الطائي الجاهلي، وهذا هو الشاهد رقم [٢٦] من كتابنا فتح القريب المجيب: [الوافر]

يرجّي المرء ما إن لا يراه... وتعرض دون أدناه الخطوب

{قالَتا لا نَسْقِي:} أغنامنا الماء. {حَتّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ} أي: يصرف الرعاة مواشيهم عن الماء، حذرا من مزاحمة الرجال، فإذا صدروا سقينا مواشينا من فضل ما بقي منهم في الأحواض. هذا؛ ويقرأ {يُصْدِرَ} بضم الياء وكسر الدال من الرباعي، وبفتح الياء، وضم الدال من الثلاثي، و {الرِّعاءُ} بكسر الراء جمع: راع، كقائم، وقيام، ويقرأ بضم الراء، وهو اسم للجمع، كالتّوام، والرّخاء. {وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ:} كبير السن لا يستطيع أن يخرج للسقي، فيرسلنا اضطرارا.

هذا؛ والفعل {نَسْقِي} و {يَسْقُونَ} في الآية السابقة، و (سقى) في الآية التالية، و (سقيت) في الآية التي بعدها كل هذه الأفعال من الثلاثي، كما يأتي هذا الفعل من الرباعي: أسقى، وهما بمعنى واحد، تقول: سقى الله هذه البلاد الغيث، وأسقاها الغيث، فيكون بالهمزة تارة، وبدونه أخرى، وشاهد المهموز قوله تعالى: {وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً،} وشاهد غير المهموز قول تعالى:

{وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً،} ويحتملهما قوله تعالى: {وَسُقُوا ماءً حَمِيماً،} وقوله جل ذكره: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (٢٥) خِتامُهُ مِسْكٌ} وقد ورد اللغتان في قول لبيد-رضي الله عنه-: [الوافر]

سقى قومي بني مجد وأسقى... نميرا والقبائل من هلال

ولكنه حذف المفعول الثاني من كليهما، كما حذف المفعولان من الألفاظ المذكورة في هذه الآيات. هذا؛ وفرق الأعلم بين المهموز، وغيره، فقال: تقول: سقيتك ماء إذا ناولته إياه يشربه، وتقول: أسقيتك إذا حصلت له سقيا.

هذا؛ والشيخ هو الذي استبانت فيه السن، وظهر عليه الشيب، وفي اللغة: هو من تجاوز الأربعين من عمره، وهو السن الذي يكمل فيها العقل، ويغلب فيها صلاح الرجل على فساده، ومن لم يكمل بعد الأربعين، ولم يرجع إلى صوابه فهو من الخاسرين. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من بلغ من العمر أربعين سنة، ولم يغلب خيره على شرّه فليتجهّز إلى النّار». وأصبح الأمل في صلاحه بعيدا. قال زهير بن أبي سلمى: [الطويل]

وإنّ سفاه الشّيخ لا حلم بعده... وإنّ الفتى بعد السّفاهة يحلم

ورحم الله من يقول: [الطويل]

إذا المرء وفّى الأربعين ولم يكن... له دون ما يأتي حياء ولا ستر

<<  <  ج: ص:  >  >>