للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعمل عليه، فإن الخير فيه إن شاء الله، وإن عزم على سفر، فيتوخّى بسفره يوم الخميس، أو يوم الإثنين، اقتداء برسول الله صلّى الله عليه وسلّم. انتهى. قرطبي بتصرف.

أقول: وما تقدم كله صريح على أن الاستخارة تكون في اليقظة. هذا؛ وقد استحدثت الاستخارة المنامية: يتوضأ، ويصلي ركعتين بنية الاستخارة، ثم يدعو بالدعاء المذكور، ثم يستغفر الله ما أمكنه، ثم يصلي على الرسول صلّى الله عليه وسلّم ما أمكنه، ثم ينام موجها صدره إلى جهة القبلة، ثم إن رأى في منامه ما يسره مضى لما يريده، وإن رأى في منامه ما يزعجه ويسوءه أعرض عن الأمر الذي يريده. والله ولي التوفيق.

{سُبْحانَ اللهِ:} تنزيها، وتقديسا لله. {(تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ)} أي: تقدس الله، وتنزه عن الذي يشركونه معه من الحجارة، والأوثان، و (تعالى) بهذا المعنى ناقص التصرف، لا يأتي منه أمر.

الإعراب: {وَرَبُّكَ:} الواو: حرف استئناف. (ربك): مبتدأ، والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {يَخْلُقُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى (ربك)، والجملة الفعلية في محل رفع خبره. {ما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: يخلق الذي أو شيئا يشاؤه، وجملة:

{وَيَخْتارُ} معطوفة عليها، والمفعول محذوف أيضا، والجملة الاسمية: {وَرَبُّكَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {ما:} نافية. {كانَ:} فعل ماض ناقص. {لَهُمُ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر (كان) مقدم. {الْخِيَرَةُ:} اسمها مؤخر، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها، والوقف على (يختار) تام، وجيد. هذا؛ وقيل: إن {ما} مصدرية، تؤول بما بعدها بمصدر في محل نصب مفعول به، التقدير: يختار اختيارهم، كما قيل: إنّ {ما} موصولة في محلّ نصب مفعول به وفي (كان) ضمير مستتر هو اسمها، والجملة الاسمية: {لَهُمُ الْخِيَرَةُ:} في محلّ خبرها، وجملة: {كانَ..}. إلخ صلة الموصول، لا محل لها، والعائد محذوف، التقدير:

ما كان لهم الخيرة فيه، وهذان القولان ضعيفان، والأصح اعتبار {ما} نافية، والجملة مستأنفة.

قال مكي-رحمه الله تعالى-: وقال بعض العلماء كالطبري، وغيره: هي في موضع نصب ب‍: (يختار)، وليس ما قاله بحسن في الإعراب؛ لأنه لا عائد يعود على {ما} في الكلام، وهو بعيد أيضا في المعنى، والاعتقاد؛ لأن كونها للنفي يوجب عموم جميع الأشياء في الخير، والشر: أنها حدثت بقدر الله، واختياره، وليس لمخلوق فيها اختيار غير اكتسابه بقدر من الله له.

وإذا كانت {ما} في موضع نصب ب‍: (يختار)؛ لم تعم جميع الأشياء: أنها مختارة لله، إنما أوجبت أنه يختار ما كان لهم فيه الخيرة لا غير، وبقي ما ليس لهم فيه الخيرة، وهو الخير موقوفا، وهذا هو مذهب القدرية والمعتزلة، فكون {ما} للنفي أولى في المعنى، وأصح في التفسير، وأحسن في الاعتقاد، وأقوى في العربية. انتهى. {سُبْحانَ:} مفعول مطلق لفعل محذوف، وهو مضاف،

<<  <  ج: ص:  >  >>