للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{الْبَرْقَ:} مصدر: برق، يبرق: إذا لمع. والرعد مصدر: رعد، يرعد، وهما معروفان، ومشاهدان للناس، وتفسيرهما وشرحهما في الشرع غير تفسيرهما في العلم الحديث. {خَوْفاً وَطَمَعاً:} هذا الخوف، والطمع من رؤية البرق يكونان من وجوه: الأول: عند لمعان البرق يخاف من الصواعق، ويطمع في نزول المطر. الثاني: أنه يخاف من البرق من يتضرر بالمطر كالمسافر، ومن على بيدره التمر، والزبيب، والقمح ونحو ذلك، ويطمع فيه من له في نزول المطر نفع كالزراع، ونحوهم. الثالث: أن المطر يخاف منه إذا كان في غير مكانه، وزمانه، ويطمع فيه إذا كان في مكانه وزمانه المناسبين لسقوطه، وخذ قول أبي الطيب في ممدوحه: [الطويل] فتى كالسّحاب الجون يخشى ويرتجى... يرجى الحيا منه، وتخشى الصّواعق

هذا؛ وقيل: {خَوْفاً} أن يكون البرق برقا خلبا، لا يمطر، {وَطَمَعاً} أن يكون ممطرا. قاله ابن بحر، وأنشد قول الشاعر: [الرمل] لا يكن برقك برقا خلّبا... إنّ خير البرق ما الغيث معه

هذا؛ والسماء يذكر، ويؤنث، والسماء: كل ما علاك، فأظلك، ومنه قيل لسقف البيت:

سماء، والسماء: المطر، يقال: ما زلنا نطأ السماء؛ حتى أتيناكم، قال معاوية بن مالك: [الوافر] إذا نزل السّماء بأرض قوم... رعيناه، وإن كانوا غضابا

أراد بالسماء المطر، ثم أعاد الضمير عليه في: «رعيناه» بمعنى النبات، وهذا يسمى في فن البديع بالاستخدام، وأصل سماء سماو، فيقال في إعلاله: تحركت الواو، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، ولم يعتد بالألف الزائدة؛ لأنها حاجز غير حصين، فالتقى ساكنان: الألف الزائدة، والألف المنقلبة، فأبدلت الثانية همزة، وانظر شرح {السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} في الآية رقم [٢٢].

وأما {السَّماءِ} فاصله: موه بفتح الميم والواو، تحركت الواو وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، فصار: «ماه» فلما اجتمعت الألف والهاء، وكلاهما خفي، قلبت الهاء همزة، ودليل ذلك: أن جمع {السَّماءِ:} أمواه، ومياه، وتصغيره: مويه، وأصل ياء مياه واو، لكنها قلبت ياء لانكسار ما قبلها في جمع أعلت في مفرده، كما قالوا: دار، وديار، وقيمة، وقيم، ومثله قولهم: سوط، وسياط، وحوض، وحياض، وثوب، وثياب، وثور، وثيرة. ويقال في تعريف الماء: هو جسم رقيق مائع به حياة كل نام. وقيل في حده: جوهر سيال به قوام الأرواح. بعد هذا خذ قول أبي ذؤيب الهذلي: [الطويل] شربن بماء البحر ثمّ ترفّعت... متى لجج خضر لهنّ نئيج

فهو يصف السحاب على اعتقاد العرب في الجاهلية، ومثلهم العصريون في هذا الزمن من أن السحاب، أي: الغيوم تدنو من البحر الملح في أماكن مخصوصة، فتمتد منها خراطيم

<<  <  ج: ص:  >  >>