للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبو قبيس، والجودي، ولبنان، وطور سينين، وطور سيناء. أخرجه ابن جرير كما في «المبهمات» للسيوطي. وأضيف: أن {عَمَدٍ} جمع عمود، وهو ما يقوم عليه البيت، وجمعه في القلة: أعمدة، وفي الكثرة: عمد بفتحتين، وعمد، وبهما قرئ قوله تعالى {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} وعمود القوم: سيدهم. في القاموس: عمد جمع: عمود، وعماد أيضا. هذا؛ والعماد: الأبنية الرفيعة، ومنه قوله تعالى {إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ}. {أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ:} تتحرك، وتضطرب، والميدان:

الاضطراب يمينا، وشمالا، ومادت الأغصان: تمايلت، وماد الرجل: تبختر، وتمايل كبرا، وغطرسة. و {رَواسِيَ} جمع: راسية، فالأرض ترسو بالجبال، أي: تثبت، وتستقر. فعن أنس بن مالك-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لمّا خلق الله الأرض جعلت تميد، وتكفّأ، فأرساها بالجبال فاستقرّت، فعجبت الملائكة من شدّة الجبال، فقالوا: يا ربّنا هل خلقت خلقا أشدّ من الجبال؟ قال: نعم الحديد، قالوا: فهل خلقت خلقا أشدّ من الحديد؟ قال: النار، قالوا: فهل خلقت خلقا أشدّ من النار؟ قال: الماء، قالوا: فهل خلقت خلقا أشدّ من الماء؟ قال: الريح. قالوا: فهل خلقت خلقا أشدّ من الريح، قال: ابن آدم إذا تصدق بصدقة بيمينه، فأخفاها من شماله». رواه الترمذي، وقال: حديث غريب.

{وَبَثَّ فِيها:} خلق، وفرق، ونشر. {مِنْ كُلِّ دابَّةٍ:} تشمل كل ما يدب على وجه الأرض من إنسان، وحيوان، وطير، وهوام. {وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً:} انظر الآية رقم [٢٤] من سورة (الروم).

{فَأَنْبَتْنا فِيها:} في الأرض. {مِنْ كُلِّ زَوْجٍ:} من كل صنف كثير المنفعة. ولا تنس الالتفات في الآية من الغيبة إلى التكلم، وانظر فوائده في الآية رقم [٣٤] من سورة (الروم)، ومثل هذه الآية في الالتفات قوله تعالى في سورة (طه) رقم [٥٣]: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتّى،} وقوله تعالى في سورة (النمل) رقم [٦٠]: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ،} وقوله تعالى في سورة فاطر رقم [٢٧]: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها}.

قال البيضاوي-رحمه الله تعالى-في ختام الآية التي نحن بصدد شرحها: وكأنه جلت قدرته، وتعالت حكمته استدل بذلك على عزته التي هي كمال القدرة، وحكمته التي هي كمال العلم، ومهد به قاعدة التوحيد، وقررها بقوله: {هذا خَلْقُ اللهِ..}. إلخ.

هذا؛ وزوج في هذه الآية بمعنى: الصنف، والنوع، كما رأيت، ومثل هذه الآية قوله تعالى في سورة (الحج) رقم [٥]: {فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} والزوج: القرين قال تعالى في سورة (الصافات): {اُحْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللهِ} أي قرناءهم من الشياطين. والزوج: ضد الفرد، وكل واحد منهما يسمى زوجا أيضا، يقال للاثنين: هما زوجان، وهما زوج، كما يقال: هما سيان، وهما سواء، قال تعالى في سورة

<<  <  ج: ص:  >  >>