المنافقين، وتعييرهم، حيث يقولون: تزوج محمد امرأة ابنه زيد. {وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ} أي: تخافه وتستحيي منه، فهو أحق بالخوف، والحياء منه. فعن عائشة-رضي الله عنها-قالت: لو كتم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئا ممّا أوحي إليه؛ لكتم هذه الآية. {فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً} أي: حاجته منها، ولم يبق له فيها أرب وتقاصرت همته عنها، وطابت نفسه منها، وطلقها، وانقضت عدتها. وذكر قضاء الوطر ليعلم أن زوجة المتبني تحل بعد الدخول بها. {زَوَّجْناكَها:} وقرئ: «(زوجتكها)».
تنبيه: قال الله تعالى هنا مخاطبا نبيه صلّى الله عليه وسلّم: {وَتَخْشَى النّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ،} وقال في الآية رقم [١٣] من سورة (التوبة) مخاطبا المؤمنين: {أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ،} وقال في الآية رقم [٤٤] من سورة (المائدة): {فَلا تَخْشَوُا النّاسَ وَاخْشَوْنِ} والخشية: خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه، وهو المراد منه بخشية عباد الله المؤمنين المتكررة في القرآن الكريم. هذا؛ والماضي خشي، والمصدر: خشية، والرجل خشيان والمرأة خشيا، وهذا المكان أخشى من ذلك، أي: أشد خوفا. هذا؛ وقد يأتي الفعل:«خشي» بمعنى: «علم» القلبية، قال الشاعر:[الكامل] ولقد خشيت بأنّ من تبع الهدى... سكن الجنان مع النّبيّ محمّد
قالوا: معناه: علمت، وقوله تعالى في سورة (الكهف): {فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً} قال الأخفش: معناه: كرهنا، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
روي: أنها لما اعتدت، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لزيد:«ما أجد أحدا، أوثق في نفسي منك! اخطب عليّ زينب». قال زيد-رضي الله عنه-: فانطلقت، وقلت: يا زينب! أبشري! إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يخطبك، ففرحت، وتزوجها، ودخل بها، وما أولم على امرأة من نسائه ما أولم عليها، ذبح شاة، وأطعم الناس الخبز، واللحم حتى امتد النهار. وقال أنس رضي الله عنه:
كانت زينب تفتخر على أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم، تقول: زوجكن آباؤكن، وزوجني الله من فوق سبع سماوات. وقال الشعبي: كانت زينب تقول للنبي صلّى الله عليه وسلّم: إني لأدلّ عليك بثلاث، ما من امرأة من نسائك تدلّ بهن: جدي وجدك واحد، وإني أنكحنيك الله في السماء، وإن السفير جبريل عليه السّلام، لذا فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم، لما قرأ عليه جبريل عليه السّلام:{فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها} قال: قبلت، فلم يحتج عليه الصلاة والسّلام إلى وليّ من جهة زينب يتولى إيجاب العقد، ولم يحضر شهودا على ذلك.
{لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ:} إثم ومؤاخذة. {فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ:} جمع دعي، وهو الابن المتبنى. {إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً:} قضاء الوطر: إدراك الحاجة، وبلوغ المراد منه. {وَكانَ أَمْرُ اللهِ:} أمره الذي يريده. {مَفْعُولاً} أي: ماضيا ونافذا، كالذي أراده من زواج النبي صلّى الله عليه وسلّم بزينب، رضي الله عنها، والحكمة كانت إبطال عادة التبني؛ التي كانت شائعة في الجاهلية.