والثانية: أنه اختار الملائكة؛ ليكونوا رسلا بينه وبين أنبيائه. وقد أشار إلى طرف من عظمته وكمال قدرته-جل، وعلا-بأن خلق الملائكة بأشكال عجيبة، وصور غريبة، وأجنحة عديدة، فمنهم من له جناحان، ومنهم له ثلاثة، ومنهم من له أربعة، ومنهم من له ستمائة جناح، ما بين كل جناحين كما بين المشرق والمغرب، كما هو وصف جبريل، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. ومنهم من لا يعلم حقيقة خلقته، وضخامة صورته إلا الله تعالى. انتهى. صفوة التفاسير للصابوني.
وفي الكشاف-روي: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم سأل جبريل-عليه الصلاة والسّلام-أن يتراءى له في صورته، فقال: إنك لن تطيق ذلك. قال: إني أحب أن تفعل. فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ليلة مقمرة، فأتاه جبريل في صورته، فغشي على النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثم أفاق، وجبريل-عليه السّلام- مسنده، وإحدى يديه على صدره، والأخرى بين كتفيه، فقال: سبحان الله ما كنت أرى أن شيئا من الخلق هكذا! فقال جبريل-عليه السّلام-: فكيف لو رأيت إسرافيل؛ له اثنا عشر جناحا، جناح منها بالمشرق، وجناح بالمغرب، وإنّ العرش على كاهله، وإنه ليتضاءل الأحايين لعظمة الله؛ حتى يعود مثل الوصع؟! وهو العصفور الصغير. انتهى. كشاف.
هذا؛ ووصف جبريل بأنه له ستمائة جناح أخرجه مسلم عن ابن مسعود-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم. ووصف إسرافيل أخرجه الزهري. انتهى. قرطبي. هذا؛ وانظر شرح {الْمَلائِكَةِ} في الآية رقم [٤٣] من سورة (الأحزاب)، وشرح (شيء) في الآية رقم [٥٥] منها. وانظر شرح {الْحَمْدُ} في أول سورة (سبأ). والله الموفق، والمعين، وبه أستعين، وسترى شيئا من ذلك في سورة (النجم) إن شاء الله تعالى.
الإعراب:{الْحَمْدُ:} مبتدأ. {لِلّهِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية ابتدائية، لا محل لها من الإعراب. وقيل: هي في محل نصب مقول القول لقول محذوف، تقديره: قولوا: الحمد لله. وعليه فالجملة الفعلية ابتدائية لا محل لها. {فاطِرِ:} صفة لفظ الجلالة، ويجوز فيه الرفع على إضمار مبتدأ، والنصب على تقدير فعل قبله، ولم يقرأ بغير الجر. وقال الزمخشري: وقرئ: «(الذي فطر السموات، والأرض، وجعل الملائكة)». و {فاطِرِ} مضاف، و {السَّماواتِ} مضاف إليه. واعتبر الإضافة محضة؛ لأن {فاطِرِ} بمعنى الماضي، والماضي لا يعمل. وقيل: الإضافة غير محضة، فتكون الإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. (الأرض): معطوف على ما قبله. {جاعِلِ:} يجوز فيه ما جاز ب: {فاطِرِ} من الأوجه، و {جاعِلِ} مضاف، و {الْمَلائِكَةِ} مضاف إليه مثل سابقه. {رُسُلاً:} مفعول به ثان، على اعتبار {جاعِلِ} عاملا في: {الْمَلائِكَةِ،} أو هو مفعول به لفعل محذوف على اعتباره غير عامل، وأجيز اعتباره حالا من:{الْمَلائِكَةِ} على اعتبار {جاعِلِ} بمعنى: خالق.