للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء الخلافة أو كانت له قدرا... كما أتى ربّه موسى على قدر

وهذا على قول الكوفيين، ولا يصح هذان القولان عند البصريين، وأنكروا كون: «أو» بمعنى: «بل»، وبمعنى: الواو؛ لأن «بل» للإضراب عن الأول، والإيجاب لما بعده، وتعالى الله عن ذلك، أو خروج من شيء إلى شيء، وليس هذا موضع ذلك، والواو معناه خلاف معنى (أو) فلو كان أحدهما بمعنى الآخر؛ لبطلت المعاني، ولو جاز ذلك؛ لكان: وأرسلناه إلى أكثر من مئتي ألف أخصر. وقال المبرد: المعنى: وأرسلناه إلى جماعة لو رأيتموهم؛ لقلتم: هم مئة ألف، أو أكثر، وإنما خوطب العباد على ما يعرفون. انتهى. قرطبي.

هذا؛ وللبصريين فيها أقوال: قيل: هي للإبهام. وقيل: هي للتخيير، بمعنى: إذا رآهم الرائي تخير بين أن يقول: هم مئة ألف، أو يقول: هم أكثر. وقيل: هي للشك مصروفا إلى الرائي. وقيل: هي للإباحة، أي: فأنت مخير بأن تحزرهم، وتقدر عددهم كيف تشاء. وقيل:

هي للشك بمعنى: أن الرائي يشك في عددهم، هل هم مئة أو يزيدون؟ والمبرد بصري المذهب، وانظر مبحث (أو) وشواهدها في كتابنا: «فتح القريب المجيب»؛ تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

هذا؛ وقد نقل الجمل عن العلماء في (أو) المذكورة هنا، وفي قوله تعالى {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ} رقم [١٩] من سورة (البقرة) جواز إطلاق جميع المعاني؛ التي ذكرها ابن هشام في مغني اللبيب على (أو) في هاتين الآيتين.

هذا؛ وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: زادوا على مئة ألف عشرين ألفا. قال مقاتل بن حيان: زادوا سبعين ألفا على مئة ألف.

هذا؛ وقال البيضاوي-رحمه الله تعالى-: ولعله إنما لم يختم قصة يونس وقصة لوط بما ختم سائر القصص، تفرقة بينهما، وبين أصحاب الشرائع الكبراء، وأولي العزم من الرسل، أو اكتفاء بالتسليم الشامل لكل الرسل المذكورين في آخر السورة.

هذا؛ والتمتع: التلذذ بالشيء، والانتفاع به، ومثله: الاستمتاع، والاسم: المتعة، فهنيئا لمن تمتع، واستمتع بالمباح الحلال، وويل، ثم ويل لمن تمتع، واستمتع بالحرام. هذا؛ والمتعة بكسر الميم وضمها: اسم للتمتيع، والزاد القليل، وما يتمتع به من الصيد، والطعام.

ومتعة المرأة: ما وصلت به بعد الطلاق من نحو قميص، وزاد وملحفة، قال تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ}. هذا؛ وأمره سبحانه وتعالى للكفار في كثير من الآيات بأن يتمتعوا بدنياهم قليلا، أو بعبادتهم الأوثان، أو باتباعهم الأهواء، فإنها من قبيل الشهوات التي يتمتع بها، وفي التهديد لهم بصيغة الأمر إيذان بأنّ المهدّد عليه كالمطلوب؛ لإفضائه إلى المهدّد به. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٢٤] من سورة (يس).

<<  <  ج: ص:  >  >>