فعن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: سجدة (ص) ليست من عزائم السجود، وقد رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم يسجد فيها. رواه البخاري. قال مجاهد: قلت لابن عباس: أسجد في (ص)، فقرأ {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ} حتى أتى على قوله تعالى: {فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ} فقال: نبيكم ممن أمر أن يقتدي بهم، فسجدها داود؛ فسجدها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وللنسائي عن ابن عباس-رضي الله عنهما-: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم سجد في (ص)، وقال: سجدها داود توبة، فنسجدها شكرا. انتهى. خازن بتصرف.
تنبيه: نسجد لها خارج الصلاة، ولا نسجد لها في الصلاة، وإذا سجدت لتلاوتها أيها القارئ الكريم فقل بعد تسبيحات السجود ثلاثا: اللهم اكتب لي بها عندك أجرا، وضع بها عني وزرا، واجعلها لي عندك ذخرا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود. هذا؛ ويسن سجود الشكر عند هجوم نعمة، أو اندفاع نقمة، ولرؤية فاسق متظاهر، ويظهرها للمتظاهر، ولرؤية مبتلى ويسرها؛ لما صح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنه كان إذا جاءه أمر يسرّ به؛ خر ساجدا شاكرا لله.
رواه أبو داود، والترمذي. هذا؛ وسجود التلاوة، وسجدة الشكر يشترط لهما شروط الصلاة من الطهارة، واستقبال القبلة، وتكبيرة الإحرام، والسّلام. والأفضل أن يصلي لله تعالى ركعتين تامتين للشكر، قال القرطبي-رحمه الله تعالى-: وفي سنن ابن ماجه عن عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنه-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صلّى يوم بشّر برأس أبي جهل ركعتين. وخرّج من حديث أبي بكرة-رضي الله عنه-أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان إذا أتاه أمر يسره خر ساجدا شكرا لله، وهذا دليل الشافعي، وغيره على: أنه يكتفى بسجدة واحدة للشكر.
الإعراب:{قالَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى داود. {لَقَدْ:} اللام: واقعة في جواب قسم محذوف، تقديره: والله. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {ظَلَمَكَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى أحد الخصمين، تقديره:«هو»، والكاف مفعول به، والجملة جواب القسم المقدر، لا محل لها، والقسم وجوابه في محل نصب مقول القول، وجملة:{قالَ لَقَدْ..}.
إلخ مستأنفة، لا محل لها. {بِسُؤالِ:} متعلقان بما قبلهما، و (سؤال) مضاف، و {نَعْجَتِكَ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف، التقدير: بسؤاله نعجتك، والكاف في محل جر بالإضافة. {إِلى نِعاجِهِ:} متعلقان بالمصدر، أو بمحذوف حال، التقدير: مضمومة إلى نعاجه. وقيل: التقدير: ليضمها إلى نعاجه، والهاء في محل جر بالإضافة. {وَإِنَّ:} الواو: واو الحال، (إن): حرف مشبه بالفعل. {كَثِيراً:} اسم (إنّ). {مِنَ الْخُلَطاءِ:} متعلقان ب: {كَثِيراً،} أو هما متعلقان بمحذوف صفة له. {لَيَبْغِي:} اللام: هي المزحلقة. (يبغي): فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل. {بَعْضُهُمْ:} فاعل، والهاء في محل جرّ بالإضافة. {عَلى بَعْضٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية في محلّ رفع خبر (إنّ). والجملة الاسمية في محل نصب حال من ضمير الغيبة العائد إلى أحد الخصمين، والرابط: الواو فقط. {إِلاَّ:} أداة استثناء. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مستثنى من: {بَعْضُهُمْ}.