تصبرين؟! فجاءت أيوب وفي نفسها اليأس، والضجر مما أصابه، فقالت له: إلى متى هذا البلاء؟! فغضب أيوب، وقال لها: كم لبثت في الرخاء؟ قالت: ثمانين سنة، قال: كم لبثت في البلاء؟ قالت: سبع سنين، قال: أما أستحيي أن أطلب من الله رفع بلائي، وما قضيت مدة ر؟! ثم قال: والله لئن برئت لأضربنك مئة سوط، وحرم على نفسه أن تخدمه بعد ذلك.
انتهى. وهذا ظاهر عليه الضعف، والركاكة.
وربنا جلت قدرته، وتعالت حكمته شكر لها عملها، وخدمتها لأيوب، فلذا أمره تنفيذا لما حلف له أن يأخذ ضغثا، ويضربها بها، والضغث قبضة حشيش مختلط الرطب باليابس، وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: إنه إثكال النخل الجامع بشماريخه. هذا؛ وقد تضمنت الآية الكريمة جواز ضرب الرجل امرأته للتأديب، وذلك أن امرأة أيوب أخطأت، فحلف ليضربنها مئة، فأمره الله تنفيذا ليمينه، ورحمة بامرأته أن يضربها بعثكول من عثاكيل النخل.
هذا؛ وقد أباح الله في الإسلام ضرب المرأة للتأديب، كما رأيت في سورة (النساء) رقم [٣٤].
واختلف العلماء في هذا الحكم، هل هو عام، أو خاص بأيوب وحده؟ المعتمد: أنه عام، ومعمول به في شريعتنا، وأخذ به الشافعي، واحتج بما رواه أبو أمامة بن سهل بن حنيف: أنه أخبره بعض أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم من الأنصار: أنه اشتكى رجل منهم حتى أضنى، فعاد جلدة على عظم، فدخلت عليه جارية لبعضهم، فهش لها، فوقع عليها، فلما دخل عليه رجال قومه يعودونه، أخبرهم بذلك، وقال: استفتوا لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإني قد وقعت على جارية دخلت عليّ، فذكروا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذلك، وقالوا: ما رأينا بأحد من الناس من الضر مثل الذي هو به، لو حملناه إليك؛ لتفسخت عظامه، ما هو إلا جلد على عظم، فأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يأخذوا له مئة شمراخ، فيضربوه بها ضربة واحدة.
قال ابن كثير: وهذا من الفرج والمخرج لمن اتقى الله، وأطاعه، ولا سيما في حق امرأته الصابرة المحتسبة، المكابدة الصديقة، البارة الرشيدة-رضي الله عنها-. ولهذا عقّب الله هذه الرخصة، وعللها بقوله:{إِنّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوّابٌ} ثم قال: وقد استعمل كثير من الفقهاء هذه الرخصة في باب الأيمان، والنذور، وتوسع فيها آخرون؛ حتى وضعوا الحيل في الخلاص من الأيمان، وصدروه بهذه الآية الكريمة، وأتوا فيه بأشياء من العجائب، والغرائب. انتهى. صابوني. أقول: وكثير من الدجالين في هذه الأيام يستعملون هذه الحيل في فتاوى الطلاق لقاء دريهمات.
هذا؛ وقد عاش أيوب-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-ثلاثا وتسعين سنة، ورزقه الله المال، والبنين، وقد ولد له ستة وعشرون ولدا ذكرا، منهم واحد يسمى: بشرا، الذي يقول فيه بعض المؤرخين: إنه ذو الكفل، الذي ذكره الله في القرآن ضمن الرسل الكرام، وقد