للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي هذه الآية معجزة علمية للقرآن، فقد أخبر: أن الجنين له ثلاثة أغشية أسماها ظلمات؛ لأن الغشاء حاجز، وحجاب يحجز عنه النور، والضياء، وهي في العلم الحديث ثلاثة أغشية.

أقول: لا حاجة إلى هذا المذهب البعيد الذي ذهبه بعدما ذكرت لك من الأقوال في تفسير الظلمات.

{ذلِكُمُ} أي: الذي هذه أفعاله، فهو الخالق المبدع المصور، هو الله رب العالمين، ربكم ورب آبائكم الأولين، وهو الذي يستحق العبادة والتقديس والإجلال والتعظيم، لا ما تعبدونه من دونه من حجارة، وأوثان. {لَهُ الْمُلْكُ} أي: له الملك، والتصرف التام في الإيجاد، والإعدام.

واللام مفيدة للملك الحقيقي، الذي هو اتساع المقدور لمن له تدبير الأمور. {لا إِلهَ إِلاّ هُوَ} أي: لا معبود بحق إلا هو، ولا رب لكم سواه. {فَأَنّى تُصْرَفُونَ} أي: كيف تنصرفون عن عبادته إلى عبادة ما لا يخلق، ولا يضر، ولا ينفع، بل ولا يبصر، ولا يسمع... إلخ. هذا؛ وانظر شرح: {أُمَّهاتِكُمْ} في الآية رقم [٤] من سورة (الأحزاب)، وشرح: (زوج) في الآية رقم [١٠] من سورة (لقمان)، وشرح: «النفس» في الآية رقم [٢٨] من سورة (الروم).

الإعراب: {خَلَقَكُمْ:} ماض، والفاعل يعود إلى (الله) تقديره: «هو»، والكاف مفعول به، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها، وإن اعتبرتها في محل نصب حال من: {الْعَزِيزُ الْغَفّارُ} فلست مفندا، وتكون «قد» قبلها مقدرة، كما تصلح أن تكون في محل خبر ثالث للضمير، وهذان الاعتباران يصحان إذا أردت اتصال الكلام بسابقه، وإن أردت انقطاعه؛ فالاستئناف أولى، وقل مثله في الآية السابقة. {مِنْ نَفْسٍ:} متعلقان بما قبلهما. {واحِدَةٍ:} صفة، وجملة: {جَعَلَ مِنْها زَوْجَها} معطوفة على ما قبلها. {وَأَنْزَلَ:} الواو: حرف عطف. (أنزل): فعل ماض، والفاعل يعود إلى الله أيضا. {لَكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {مِنَ الْأَنْعامِ:} متعلقان بما قبلهما أيضا، أو هما متعلقان بمحذوف حال مما بعدهما، كان صفة له... إلخ. {ثَمانِيَةَ:} مفعول به. و {ثَمانِيَةَ} مضاف، و {أَزْواجٍ} مضاف إليه، وجملة: {وَأَنْزَلَ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها.

{يَخْلُقُكُمْ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى (الله)، والكاف مفعول به. {فِي بُطُونِ:}

متعلقان بما قبلهما، و {بُطُونِ} مضاف، و {أُمَّهاتِكُمْ} مضاف إليه، والكاف في محل جر بالإضافة. {خَلْقاً:} مفعول مطلق مؤكد لعامله. {مِنْ بَعْدِ:} متعلقان ب‍: {خَلْقاً،} أو بمحذوف صفة له، وأجاز السمين تعليقهما بالفعل قبلهما. {فِي ظُلُماتٍ:} متعلقان ب‍: {خَلْقٍ} قبلهما، ولا يجوز تعليقهما ب‍: {خَلْقاً} المنصوب؛ لأنه مصدر مؤكد، فلا يعمل، ولا يجوز تعلقه بالفعل قبله؛ لأنه قد تعلق به حرف مثله، ولا يتعلق حرفان متحدان لفظا، ومعنى إلا بالبدلية، أو العطف، فإن جعلت: {فِي ظُلُماتٍ} بدلا من: {بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ} بدل الاشتمال-لأن البطون مشتملة عليها، ويكون بدلا بإعادة العامل-جاز ذلك، أعني تعلق الجارين ب‍: {يَخْلُقُكُمْ،}

<<  <  ج: ص:  >  >>