للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى:} انظر الآية رقم [١٨] من سورة (فاطر) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك. {ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ} أي: يوم القيامة. {فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ:} فيخبركم بأعمالكم التي عملتموها في الدنيا، ويجازيكم عليها. وخذ قول أبي العتاهية الصوفي-رحمه الله تعالى-: [الوافر]

فلو أنّا إذا متنا تركنا... لكان الموت راحة كلّ حي

ولكنّا إذا متنا بعثنا... ونسأل بعد ذا عن كلّ شي

{إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ:} إن الله عليم بما في صدور عباده من نية حسنة، أو نية خبيثة، فيفعل بهم على حسب ما تكنه صدورهم من غدر، وخيانة، وتبييت للشر، وغير ذلك. وانظر شرح (النبأ) في الآية رقم [٢١] من سورة (ص).

هذا؛ و (ذات) بمعنى: صاحبة، فجعلت صاحبة الصدور لملازمتها لها، وعدم انفكاكها عنها، نحو قوله تعالى: {أَصْحابُ الْجَنَّةِ} و {أَصْحابِ النّارِ}. هذا؛ وذات: مؤنث: «ذو» الذي بمعنى:

صاحب، وقد يثنى على لفظه، فيقال: ذاتا، أو ذاتي، كذا من غير رد لام الكلمة، وهو القياس، كما يثنى: «ذو» ب‍: ذوا، أو: ذوي على لفظه، ويجوز فيها: (ذواتا) على الأصل برد لام الكلمة، وهي الياء ألفا لتحرك العين، وهي الواو قبلها، وهو الكثير في الاستعمال، قال تعالى: {ذَواتا أَفْنانٍ} رقم [٤٨] من سورة (الرحمن)، وقال تعالى: {ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ} رقم [١٦] من سورة (سبأ).

هذا؛ والتاء في: (ذات) لتأنيث اللفظ، مثل تاء: (ثمّت، وربّت، ولات) ولكنها تعرب بالحركات الظاهرة على التاء، فالجر كما في الآية الكريمة، ومثلها كثير، والرفع جاء في قوله تعالى:

{فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ} رقم [١١] من سورة (الرحمن)، والنصب جاء في قوله تعالى:

{سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ} سورة (تبت)، وكل معانيها في القرآن الكريم: صاحبة إلا في موضعين، فإنها جاءت بمعنى: الجهة، وذلك في قوله تعالى: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ} وقد رأيت تثنيتها في الآيتين المذكورتين في حالتي النصب، والجر، ولم ترد في القرآن الكريم بمعنى: الجمع. هذا؛ ولم يتعرض النحويون لها بهذا المعنى مع كثرة تعرضهم ل‍: (ذي) بمعنى: صاحب، وتثنيته، وجمعه، ولكنهم ذكروا (ذات) بمعنى: التي، و (ذوات) بمعنى: اللواتي، وذلك في مبحث الاسم الموصول، قال ابن مالك-رحمه الله تعالى-في ألفيته: [الرجز]

وكالّتي أيضا لديهم ذات... وموضع اللاّتي أتى ذوات

قال الأشموني: أي: عند طيئ ألحقوا ب‍: «ذو» تاء التأنيث مع بقاء البناء على الضم، حكى الفراء: «بالفضل ذو فضلكم الله به والكرامة ذات أكرمكم الله به». وقريب منه لابن هشام في أوضحه، وكلاهما أورد بيت رؤبة: [الرجز]

جمعتها من أينق موارق... ذوات ينهضن بغير سائق

<<  <  ج: ص:  >  >>