للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمواجه. وطغى السيل: جاء بماء كثير، قال تعالى في سورة الحاقة رقم [١١]: {إِنّا لَمّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ}.

{يَعْمَهُونَ:} يتردّدون متحيّرين في الكفر، لا يعرفون ما يلحقهم من ضرّ، أو نفع.

وحكى أهل اللغة: عمه الرجل، يعمه عموها، وعمها، فهو عمه، وعامه: إذا حار، وجمعه: عمه، وذهبت إبله العمهى: إذا لم يدر أين ذهبت، وعن بعض الأعراب: أنه دخل السّوق، وما أبصرها قطّ، فقال: رأيت الناس عمهين، أراد: مترددين في أشغالهم، وأعمالهم، قال رؤبة بن العجاج: [الرجز]

ومهمه أطرافه في مهمه... أعمى الهدى بالحائرين العمّه

هذا والعمه قريب من العمى، لكنّ العمى يطلق على ذهاب نور العين وعلى الخطأ في الرأي، والعمه لا يطلق إلا على الثاني، وهو ما يعبّر عنه بعمى القلب، قال تعالى في سورة (الحج) رقم [٤٦]: {فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}. وفي المصباح:

عمه، يعمه، عمها، من باب تعب: إذا تردد متحيّرا، وتعامه مأخوذ من قولهم: أرض عمهاء، إذا لم يكن فيها أمارات تدل على النّجاة، فهو عمه، وأعمه، وهذا الفعل لم أر له ماضيا، ولا أمرا، فيظهر: أنّه فعل جامد، لا يأتي منه غير المضارع، وإن ذكر في كتب اللغة ماض له، لكنّه لا يستعمل، ولم يتداول، وهو بلفظ المضارع كثير في القرآن الكريم.

قال القاضي البيضاوي-رحمه الله تعالى-: والمعتزلة لمّا تعذر عليهم إجراء الكلام على ظاهره؛ قالوا: لمّا منعهم الله تعالى ألطافه التي يمنحها المؤمنين، وخذلهم بسبب كفرهم، وإصرارهم، وسدّهم طريق التوفيق على أنفسهم، فتزايدت بسببه قلوبهم رينا، وظلمة؛ تزايد قلوب المؤمنين انشراحا ونورا، أو مكّن الشيطان من إغوائهم، فزادهم طغيانا، أسند ذلك كلّه إلى الله تعالى إسناد الفعل إلى المسبب مجازا، وأضاف الطغيان إليهم لئلا يتوهم: أنّ إسناد الفعل إليه على الحقيقة، ومصداق ذلك: أنه لما أسند إلى الشّياطين، أطلق الغيّ، قال:

{وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ}. انتهى. وهذا على اعتقاد المعتزلة بأنّ العبد يخلق أفعال نفسه، وقد فنّدت رأيهم في سورة النّحل، وسورة الصّافات، والحمد لله!.

الإعراب: {اللهُ:} مبتدأ، {يَسْتَهْزِئُ:} فعل مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «هو»، يعود إلى الله، {بِهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها. ({يَمُدُّهُمْ}): فعل مضارع، والفاعل يعود إلى {اللهُ} والهاء في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل

<<  <  ج: ص:  >  >>