للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبو حنيفة، وقال الشّافعي: تكتحل به باللّيل، وتمسحه بالنّهار. عن أم سلمة-رضي الله عنها- قالت: دخل عليّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين توفي أبو سلمة، وقد جعلت عليّ صبرا، فقال: «ما هذا يا أمّ سلمة؟» فقلت: إنّما هو صبر يا رسول الله! ليس فيه طيب، فقال: «إنه يشبّ الوجه، فلا تجعليه إلا باللّيل. وتنزعينه بالنّهار. ولا تمتشطي بالطّيب، ولا بالحنّاء؛ فإنّه خضاب». قلت:

بأيّ شيء أتمشّط يا رسول الله! قال: «بالسّدر تغلّفين به رأسك». أخرج أبو داود، والنّسائي نحوه، ومعنى يشبّ الوجه: يحسّنه، وينوّره. والسّدر: يشبه الشّجر المسمّى في بلادنا بالغار.

وعن زينب بنت أبي سلمة، قالت: دخلت على أمّ حبيبة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم حين توفي أبوها أبو سفيان، فدعت بطيب، فيه صفرة خلوق، أو غيره، فدهنت به جارية، ثم مست بعارضيها، ثمّ قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة، غير أنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول على المنبر: «لا يحلّ لامرأة، تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدّ على ميّت فوق ثلاث إلاّ على زوج أربعة أشهر وعشرا».

قالت زينب-رضي الله عنها-: ثمّ دخلت على زينب بنت جحش-رضي الله عنها-حين توفي أخوها، فدعت بطيب، فمسّت منه، ثم قالت: والله ما لي بالطّيب من حاجة غير أنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول على المنبر: «لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدّ على ميت فوق ثلاث إلاّ على زوج أربعة أشهر وعشرا». متفق عليه.

هذا؛ ومن الإحداد أن لا تخرج من بيتها حتى تنتهي عدّتها كالمطلقة، وثبت: أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال للفريعة بنت مالك بن سنان: «امكثي في بيتك حتّى يبلغ الكتاب أجله» وكانت متوفى عنها زوجها. أخرجه مالك في موطئه عن سعيد بن إسحاق بن كعب بن عجرة.

هذا؛ وتخرج المعتدّة من مسكنها لقضاء حوائجها؛ إذا لم يكن لها من يقضيها لها، ولا يجوز لها المبيت إلا في بيت عدّتها إلا إذا خافت على نفسها، أو مالها، فعند ذلك يجوز لها ذلك. هذا؛ والمطلقة طلاقا رجعيّا تنتقل إلى عدّة الوفاة، وترثه، بخلاف البائنة، والمطلقة ثلاثا، فلا تنتقلان إلى عدّة الوفاة، ولا ترثان، كما إذا ماتتا، فلا يرثهما أيضا.

تنبيه: هذه الآية ناسخة لحكم الآية رقم [٢٤٠] وإن كانت متأخّرة بالتّرتيب، لكنّها متقدّمة بالنزول، كما ستقف عليه.

{فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ:} انقضت عدّتهن يقينا. واختلفوا في المرأة يبلغها وفاة زوجها، أو طلاقه، فقالت طائفة من الصّحابة والتابعين: العدّة في الطلاق، والوفاة من يوم يموت، أو يطلق. وإليه ذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وغيرهم، وقالت طائفة من الصّحابة، والتابعين:

إنّ عدتها من يوم يبلغها الخبر. والصّحيح الأوّل؛ لأنّ الله تعالى علّق العدّة بالوفاة، أو الطلاق، ولأنّها لو علمت بموته، فتركت الإحداد عمدا، انقضت عدّتها، فإذا تركته مع عدم العلم؛ فهو أهون. والمعنى: أنّ العدة لا تقضى. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>