الله عنهما-أنّه سئل عن قوله تعالى:{إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى} فقال سعيد بن جبير-رضي الله عنهما-: قربى آل محمد، فقال ابن عباس: عجلت! إنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يكن بطن من قريش إلاّ كان له فيهم قرابة، فقال: إلاّ أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة، أخرجه البخاري. وبقول ابن عباس قال مجاهد، وعكرمة، وقتادة، والسدي. وروى الحافظ الطبراني عن ابن عباس قال:
قال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«لا أسألكم عليه أجرا إلاّ أن تودّوني في نفسي لقرابتي منكم، وتحفظوا القرابة بيني وبينكم». وروى الإمام أحمد عن مجاهد، عن ابن عباس:«لا أسألكم على ما آتيتكم من البينات والهدى أجرا، إلاّ أن تودّوا الله تعالى، وأن تقرّبوا إليه بطاعته».
وهذا كأنه تفسير بقول ثان، كأنّه يقول:{إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى} أي: إلا أن تعملوا بالطاعة؛ التي تقربكم عند الله زلفى. وقول ثالث، وهو ما حكاه البخاري عن سعيد بن جبير: أنه قال: معنى ذلك أن تودوني في قرابتي؛ أي: تحسنوا إليهم، وتبروهم. والحق تفسير هذه الآية بما فسرها به حبر الأمة، وترجمان القرآن عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما-كما رواه عنه البخاري، ولا ننكر الوصية بأهل البيت، والأمر بالإحسان إليهم، واحترامهم، وإكرامهم، فإنهم من ذرية طاهرة، من أشرف بيت وجد على وجه الأرض فخرا، وحسبا، ونسبا. انتهى. مختصر ابن كثير.
وقد ثبت في الصحيح: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال في خطبته بغدير خمّ: «إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض». وفي الصحيح: أنّ الصديق-رضي الله عنه-قال لعليّ-رضي الله عنه-: «والله لقرابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحبّ إليّ أن أصل من قرابتي». وقال عمر بن الخطاب للعباس-رضي الله عنهما-: «والله لإسلامك يوم أسلمت أحبّ إليّ من إسلام الخطاب لو أسلم؛ لأنّ إسلامك كان أحبّ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من إسلام الخطاب». وروى الإمام أحمد عن يزيد بن حيان، قال: انطلقت أنا، والحصين بن ميسرة، وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم-رضي الله عنه-، فلما جلسنا إليه قال حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وسمعت حديثه، وغزوت معه، وصليت معه، لقد رأيت يا زيد خيرا كثيرا، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا بن أخي، لقد كبر سني، وقدم عهدي، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فما حدثتكم؛ فاقبلوه، ومالا؛ فلا تكلفونيه، ثم قال-رضي الله عنه-: قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوما خطيبا فينا بماء يدعى خما بين مكة، والمدينة، فحمد الله تعالى، وأثنى عليه، وذكر ووعظ، ثم قال صلّى الله عليه وسلّم:«أمّا بعد أيّها الناس! إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين: أولهما كتاب الله تعالى، فيه الهدى، والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به».
فحثّ على كتاب الله ورغب فيه، وقال صلّى الله عليه وسلّم:«وأهل بيتي أذكّركم الله في أهل بيتي! أذكّركم الله في أهل بيتي!». فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟! أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: إن نساءه لسن من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم عليهم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: هم