ومعجزات الأنبياء خوارق للعادات. فلا يقاس عليها. وفي هذه الآية احتجاج على اليهود، ومعجزة عظيمة لنبيّنا صلّى الله عليه وسلّم حيث أخبرهم بأمر لم يشاهدوه، وهم يعلمون صحّة ذلك.
هذا؛ وأخرج أبو عيسى الترمذيّ عن عامر بن سعد، عن أسامة بن زيد-رضي الله عنهما-:
أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذكر الطّاعون: فقال: «بقيّة رجز، أو عذاب أرسل على طائفة من بني إسرائيل، فإذا وقع في أرض؛ وأنتم فيها؛ فلا تخرجوا منها، وإذا وقع في أرض، ولستم بها؛ فلا تهبطوا عليها». وبمقتضى هذا عمل عمر، والصّحابة-رضوان الله عليهم-لما رجعوا من «سرغ» -موضع في الشام-حين أخبرهم عبد الرحمن بن عوف-رضي الله عنه-بالحديث على ما هو مشهور في الموطّأ، وغيره، وقد قال عمر لأبي عبيدة محتجّا عليه لمّا قال له حين رجع عمر من فلسطين، وكان طاعون عمواس: أفرارا من قدر الله؟! فقال عمر-رضي الله عنه-: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! نعم نفرّ من قدر الله إلى قدر الله.
المعنى: لا محيص للإنسان عمّا قدّره الله له، وعليه، لكن أمرنا الله تعالى بالتحرّز من المخاوف، والمهلكات، وباستفراغ الوسع في التوقّي من المكروهات. ثم قال له: أرأيت لو كانت لك إبل، فهبطت واديا، له عدوتان، إحداها خصبة، والأخرى جدبة؟ أليس إن رعيت الخصبة؛ رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة؛ رعيتها بقدر الله؟! ثم رجع-رضي الله عنه-من موضعه ذلك إلى المدينة المنورة.
الإعراب:{أَلَمْ:} الهمزة: حرف استفهام، وانظر الشرح. ({لَمْ}): حرف نفي، وقلب، وجزم.
{تَرَ:} فعل مضارع مجزوم ب ({لَمْ}) وعلامة جزمه حذف حرف العلة، وهو الألف، والفتحة قبلها دليل عليها، والفاعل ضمير مستتر تقديره: أنت، وهو لازم؛ لأنّه بمعنى:«تنظر» تعدى بحرف الجر. {إِلَى الَّذِينَ} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعول به. {خَرَجُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {مِنْ دِيارِهِمْ:} متعلقان بما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة. {وَهُمْ أُلُوفٌ:} الواو: واو الحال.
({هُمْ أُلُوفٌ}): مبتدأ وخبر، والجملة الاسمية في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط:
الواو، والضمير. {حَذَرَ:} مفعول لأجله، وهو مضاف، و {الْمَوْتِ:} مضاف إليه، من: إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف، والجملة الفعلية:{أَلَمْ تَرَ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها.
(قال): فعل ماض. {لَهُمُ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {اللهُ:} فاعله. {مُوتُوا:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، وجملة:{فَقالَ..}. إلخ معطوفة على جملة:{خَرَجُوا} لا محل لها مثلها. {ثُمَّ:} حرف عطف. {أَحْياهُمْ:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى {اللهُ} والهاء مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على جملة محذوفة، التقدير: فماتوا، فأحياهم.