للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-، قال: لمّا نزلت {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ..}. إلخ قال أبو الدحداح-رضي الله عنه-: يا رسول الله! إن الله عزّ وجلّ ليريد منّا القرض؟! قال: «نعم يا أبا الدّحداح». قال: أرني يدك يا رسول الله، قال: فناوله يده، قال: فإني قد أقرضت ربّي عزّ وجلّ حائطي، قال: وحائطه فيه ستمائة نخلة، وأم الدّحداح وعيالها فيه، قال: فجاء أبو الدّحداح، فناداها: يا أمّ الدّحداح! قالت: لبيك! قال: اخرجي، فقد أقرضته ربّي عزّ، وجلّ، فقالت الزّوجة الصّالحة: ربح بيعك، وبارك الله لك فيما اشتريت! فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «كم من عذق رداح، ودار فياح لأبي الدّحداح في الجنّة». هذا و {قَرْضاً} مصدر جاء بخلاف المصدر، كقوله تعالى في سورة (نوح): {وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً}. {فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً:} كثرة لا يقدرها، ولا يعرفها إلا الله، و {أَضْعافاً} جمع: ضعف، وهو بكسر الضاد وسكون العين مثل الشّيء، وضعفاه: مثلاه، وأضعافه: أمثاله، هذا هو الأصل في الضّعف، ثم استعمل في المثل، وما زاد، وليس للزيادة حدّ، فيقال: هذا ضعف هذا، أي: مثله، أو مثلاه، أو ثلاثة أمثاله، وهكذا، ويقال: أضعفت الشيء، وضعّفته، وضاعفته، فمعناه ضممت إليه مثله فصاعدا، وقال بعضهم: ضاعفت أبلغ من ضعّفت، ولذا قرأ أكثرهم في سورة (الأحزاب) رقم [٣٠] {يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ} وفي الآية رقم [٦٩] من سورة (الفرقان): {يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ} وفي الآية رقم [٤٠] من سورة (النساء): {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها} هذا وللضّعف بفتح الضاد والضّعف بكسرها، والضّعف بضمها معان نظمها بعضهم بقوله: [الرجز]

في الرّأي والعقل يكون الضّعف... والوهن في الجسم فذاك الضّعف

زيادة المثل كذا والضّعف... جمع ضعيف، وهو شاكي الضّرّ

{يَقْبِضُ:} يمسك الرزق عمّن يشاء ابتلاء، ({يَبْصُطُ}): يوسّعه لمن يشاء امتحانا، وهو يقرأ بالسين والصاد، وبينهما طباق، وهو من المحسّنات البديعيّة.

الإعراب: {مَنْ ذَا الَّذِي:} {مَنْ:} اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، {ذَا:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع خبره. {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة {ذَا} أو هو بدل منها. هذا؛ وجوز أن يكون {مَنْ ذَا} اسما مركبا مبنيّا على السكون في محل رفع مبتدأ، و {الَّذِي} خبره. {يُقْرِضُ:} فعل مضارع. والفاعل يعود إلى من {اللهَ} منصوب على التعظيم، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {قَرْضاً:}

مفعول مطلق، وقيل: مفعول به، {حَسَناً:} صفته. {فَيُضاعِفَهُ:} الفاء: هي السببية.

(يضاعفه): فعل مضارع منصوب ب‍ «أن» مضمرة بعد الفاء. والفاعل يعود إلى {اللهَ}. {لَهُ:}

جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {أَضْعافاً:} حال، وقيل: مفعول مطلق، وقيل: مفعول ثان لتضمّن المضاعفة معنى التصيير. {كَثِيرَةً:} صفة أضعافا، و «أن» المضمرة والفعل المضارع

<<  <  ج: ص:  >  >>