هذه الآية قوله تعالى في سورة (التوبة) رقم [٦٩]: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا} وبه قيل في قوله تعالى: {وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} الآية رقم [٣٣] من سورة (الزمر)، ومثل هذه الآيات قول الأشهب بن زميلة النهشلي، وهو الشاهد رقم [٣٤٦] من كتابنا فتح القريب المجيب: [الطويل]
وإنّ الّذي حانت بفلج دماؤهم... هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد
هذا؛ و {اِسْتَوْقَدَ} بمعنى: أوقد، مثل: استجاب بمعنى: أجاب، فالسين والتاء زائدتان، قاله الأخفش، ومنه قول كعب بن سعد الغنوي من قصيدة يرثي فيها أخاه شبيبا، ومن أبياتها، وهو الشاهد رقم [٧٢٧] من كتابنا فتح القريب المجيب: [الطويل]
وداع دعا يا من يجيب إلى النّدا... فلم يستجبه عند ذاك مجيب
أي: يجبه عند ذاك مجيب، هذا والمثل-بفتح الميم، والثاء-بمعنى: مثل، ومثيل، وشبه، وشبيه. ومثل: اسم متوغل في الإبهام لا يتعرف بإضافته إلى الضمير وغيره من المعارف، ولذلك نعتت به النكرة في قوله تعالى حكاية عن قول فرعون وقومه:{أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ} الآية رقم [٤٧] من سورة المؤمنون. ويوصف به المفرد، والمثنى، والجمع تذكيرا وتأنيثا، كما في الآية الكريمة. وتستعمل على ثلاثة أوجه: الأول: بمعنى الشبيه، كما في الآية الكريمة، والثاني: بمعنى نفس الشيء، وذاته، كما في قوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} رقم [١١] من سورة (الشورى)، والثالث: زائدة، كما في قوله تعالى:{فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا} الآية رقم [١٣٧] من سورة (البقرة) أي: بما آمنتم.
وأما المثل في مثل قوله تعالى:{ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً} الآية رقم [٢٤] من سورة (إبراهيم) على نبينا وعليه ألف صلاة وألف سلام؛ فهو القول السائر بين الناس، والذي فيه غرابة من بعض الوجوه. والمثل بمضربه؛ أي: هو الحالة الأصلية التي ورد الكلام فيها، وما أكثر الأمثال في اللغة العربية، علما بأن الأمثال لا تغيّر، تذكيرا، وتأنيثا، إفرادا، وتثنية، وجمعا، بل ينظر فيها دائما إلى مورد المثل، أي: أصله، مثل (الصّيف ضيّعت اللّبن) فإنه يضرب لكل من أفرط في تحصيل شيء في أوانه، ثم طلبه بعد فواته.
{ناراً:} أصله: نور، تحركت الواو وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، وهي من المؤنث المجازي، وقد تذكر، وتصغيرها: نويرة، والجمع: أنور، ونيران، ونيرة، ويكنى بها عن جهنم، التي سيعذب الله بها الكافرين والفاسقين، كما أنّها تستعار للشدّة، والضيق، والبلاء، قال الشاعر:[الطويل]
وألقى على قيس من النّار جذوة... شديدا عليها حرّها وتلهابها