فهي مستعارة في هذا البيت لشدة النكاية التي أذاقها قبيلة قيس. والفعل: نار، ينور، يستعمل لازما ومتعديا إذا بدئ بهمزة التعدية، كما في قولك: أنارت الشمس الكون.
{أَضاءَتْ:} أنارت، وأشرقت، كذلك يستعمل متعديا كما في هذه الآية، ولازما كما في الآية رقم [٢٠] الآتية. وأصل الفعل:«أضوأ» يقال في إعلاله: اجتمع معنا حرف صحيح ساكن، وحرف علّة متحرك، والحرف الصحيح أولى بالحركة من حرف العلة، فنقلت حركة الواو إلى الضاد، ثم يقال: تحركت الواو بحسب الأصل، وانفتح ما قبلها الآن، فقلبت ألفا، والمصدر:
«الضوء» بفتح الضّاد وضمّها، وكذا الاسم منه، كما يأتي المصدر، والاسم أيضا:«ضياء».
{حَوْلَهُ:} ظرف مكان، وهو لا يتصرف، فهو ملازم للظرفية أبدا، يقال: قعد حوله وحواله، وحوليه، وحواليه، ولا تقل: حواليه بكسر اللام، وقعد بحياله، وحياله؛ أي: بإزائه، وإزاءه، وقيل للعام: حول؛ لأنه يدور، ثم يرجع كما بدأ.
{ظُلُماتٍ:} جمع: ظلمة، وقد جمعت باعتبار تعدد معانيها؛ إذ المراد: ظلمة الكفر، وظلمة النّفاق، وظلمة يوم القيامة. أو المراد: ظلمة شديدة، كأنها ظلمات متراكمة. انتهى بيضاوي بتصرف. هذا؛ والظلمات تستعار من ظلمة الليل الحقيقية لكل ما ذكر، والجامع بينهما عدم الاهتداء في كلّ منهما، كما أنّ النور يستعار من نور النّهار، أو من نور المصباح المضيء للإيمان، والإسلام، والجامع بينهما الاهتداء في كلّ منهما.
الإعراب:{مَثَلُهُمْ:} مبتدأ، والهاء في محل جر بالإضافة. {كَمَثَلِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر المبتدأ، وجوز أبو البقاء اعتبار الكاف اسما على أنها خبر المبتدأ، وأرى: أنه لا وجه له هنا على اعتبار المثل بمعنى القصّة، والحكاية، وهذا يناقض ما ذكرته في الشرح، وتكون الكاف مضافا، و (مثل) مضافا إليه، هذا واعتبار الكاف اسما واقع في العربية كثيرا، انظر الشاهد رقم [٣٢٦] من كتابنا فتح القريب المجيب تجد ما يسرك، ويثلج صدرك، و (مثل) مضاف، و {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة.
{اِسْتَوْقَدَ:} فعل ماض، والفاعل يعود على {الَّذِي} وهو العائد. {ناراً:} مفعول به، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، والجملة الاسمية:{مَثَلُهُمْ..}. إلخ: في محل نصب حال من واو الجماعة في الآية السابقة، والرابط الضمير فقط، هذا؛ إن أردت اتصال الكلام بسابقه، أو هي مستأنفة لا محل لها؛ إن أردت انقطاع الكلام من سابقة، {فَلَمّا:} الفاء: حرف استئناف. (لمّا): حرف وجود لوجود عند سيبويه، وبعضهم يقول: حرف وجوب لوجوب، وهي ظرف بمعنى:«حين» عند ابن السراج، والفارسي، وابن جني، وجماعة، تتطلب جملتين مرتبطتين ببعضهما ارتباط فعل الشرط بجوابه، وصوب ابن هشام الأول، والمشهور الثاني.
{أَضاءَتْ:} فعل ماض، والتاء للتأنيث حرف لا محل له، والفاعل يعود إلى {ناراً} تقديره: