حيث لا يراهم المشركون، ولم يمنع النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يرملوا الأشواط كلها إلاّ إبقاء عليهم، فقال المشركون: أهؤلاء الذين زعمتم: أن الحمّى قد وهنتهم؟ هؤلاء أجلد من كذا، وكذا. أخرجه الشيخان، والإمام أحمد، ثم رجع صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه إلى المدينة بعد أن أقاموا ثلاثة أيام في مكة المكرمة، وبقيت سنّة الرّمل إلى يوم القيامة.
هذا؛ وفي تعليق الوعد بالمشيئة مع أنّ الله تعالى خالق للأشياء كلها، وعالم بها قبل وقوعها أقوال كثيرة.
الإعراب:{لَقَدْ:} اللام: لام الابتداء، أو هي واقعة في جواب قسم محذوف، التقدير:
والله. (قد): حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {صَدَقَ اللهُ:} ماض، وفاعله.
{رَسُولَهُ:} مفعوله الأول، والهاء في محل جر بالإضافة. {الرُّؤْيا:} مفعوله الثاني منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الفعلية لا محلّ لها على الوجهين المعتبرين باللام. هذا؛ وإن الفعل {صَدَقَ} نصب مفعولين حملا على نقيضه: «كذب» بالتخفيف، وهذا غريب؛ لأنه لم يعهد تعدّي المخفف إلى مفعولين، والمشدد إلى واحد، بل المعروف: أن التضعيف يعدي اللازم إلى واحد، والمتعدي لواحد إلى مفعولين.
{بِالْحَقِّ:} فيه أوجه: أحدها: أن يتعلقا ب: (صدق). الثاني: أن يكونا متعلقين بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف؛ أي: صدقا ملتبسا بالحق. الثالث: أن يتعلقا بمحذوف حال من الرؤيا؛ أي: ملتبسة بالحق. الرابع: أنهما متعلقان بمحذوف، تقديره: أقسم، على أنّ الباء حرف قسم وجر، وجملة:{لَتَدْخُلُنَّ..}. إلخ، جواب هذا القسم، وعلى هذا يوقف على {الرُّؤْيا} ويبتدأ بما بعدها. انتهى. جمل نقلا من السمين بتصرف كبير مني. {لَتَدْخُلُنَّ:} اللام:
واقعة في جواب القسم المحذوف، أو المذكور، أعني:{بِالْحَقِّ}. {لَتَدْخُلُنَّ:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه النون المحذوفة لتوالي الأمثال، وواو الجماعة المحذوفة المدلول عليها بالضمة فاعله، والنون للتوكيد حرف لا محل له، والجملة الفعلية جواب قسم محذوف على الوجوه الثلاثة في تعليق {بِالْحَقِّ،} وجواب {بِالْحَقِّ} على الوجه الرابع فيه. وعلى جميع الوجوه؛ فهذا القسم مؤكد للقسم السابق. وقال أبو البقاء: تفسير للرؤيا. {الْمَسْجِدَ:} مفعول به، وانظر الاية رقم [٧٠] من سورة (الزخرف). {الْحَرامَ:} صفة: {الْمَسْجِدَ}. {إِنْ:} حرف شرط جازم.
{شاءَ:} فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط. {اللهُ:} فاعله، ومفعوله محذوف، والجملة الفعلية لا محلّ لها... إلخ، وجواب الشرط محذوف لدلالة المقام عليه.
والجملة الشرطية معترضة بين الحال، وعاملها. والغرض منها التأكيد، والتبرك لا الاستثناء، وفيه أيضا تعليم للعباد أن يقولوا مثل ذلك في جميع شؤونهم.