العمل، وإلاّ فهو ظنّ خاطئ، وزعم فاسد، ففي الحديث الشريف يقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم:«ليس الإيمان بالتمنّي ولا بالتحلّي، ولكن ما وقر في القلب، وصدّقه العمل، إنّ قوما ألهتهم الأمانيّ حتّى خرجوا من الدّنيا؛ ولا حسنة لهم، وقالوا: نحسن الظنّ بالله، كذبوا! لو أحسنوا الظنّ؛ لأحسنوا العمل».
{وَلا تَجَسَّسُوا} أي: لا تبحثوا عن عيوب الناس. نهى الله عن البحث عن المستور من أمور الناس، وتتبع عوراتهم؛ حتى لا يظهر على ما ستره الله منها. فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«إيّاكم والظنّ، فإنّ الظنّ أكذب الحديث، ولا تجسّسوا، ولا تحسّسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، كما أمركم. المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، ويشير إلى صدره، بحسب امرئ من الشرّ أن يحقر أخاه المسلم. كلّ المسلم على المسلم حرام، دمه، وعرضه، وماله. إنّ الله لا ينظر إلى صوركم، وأجسادكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم، وأعمالكم». متفق عليه. هذا؛ والتجسس بالجيم: التفتيش عن بواطن الأمور، وأكثر ما يقال في الشر، ومنه الجاسوس، وهو بالحاء: الاستماع إلى حديث الغير. وقيل: إن التحسس يكون في الخير، ومنه قوله تعالى حكاية عن قول يعقوب على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام:{يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} أي: فتعرفوا منهما وتطلبوا خبرهما. علما بأنه قرئ في الايتين بالجيم، والحاء. وكذلك يروى قول عنترة بالجيم، والحاء، وهو من معلقته رقم [٧٧]. [الكامل] فبعثت جاريتي فقلت لها: اذهبي... فتجسّسي أخبارها لي واعلمي
وعن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-قال: صعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المنبر، فنادى بصوت رفيع، سمعته العواتق في البيوت، فقال:«يا معشر من أسلم بلسانه؛ ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيّروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنّه من تتبع عورة أخيه المسلم؛ تتبع الله عورته! ومن تتبع الله عورته يفضحه، ولو في جوف رحله». انتهى. خازن، وهو في القرطبي عن أبي برزة الأسلمي-رضي الله عنه-وخذ قول الشاعر الحكيم:[المنسرح] المرء إن كان عاقلا ورعا... أشغله عن عيوب النّاس ورعه
كما السقيم المريض يشغله... عن وجع النّاس كلّهم وجعه
وقال آخر:[البسيط] لا تكشفنّ مساوي النّاس ما ستروا... فيهتك الله سترا عن مساويكا
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا... ولا تعب أحدا منهم بما فيكا