للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقصد الشعب فهو أكثر حيّ... عددا في الحواء ثمّ القبيلة

ثم تتلوها العمارة ثم ال‍... بطن والفخذ بعدها والفصيله

ثمّ من بعدها العشيرة لكن... هي في جنب ما ذكرناه قليله

هذا؛ والشّعب بمعنى ما تقدم هو بفتح الشين، وهو بكسرها الطريق في الجبل، أو ما انفرج بين الجبلين، والناحية أيضا، وجمعه: شعاب، وجمع الأول: شعوب، كما في الاية.

{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ:} فإن التقوى تكمل بها النفوس، وتتفاضل بها الأشخاص، وترتفع بها الدرجات في أعلى الجنات، فمن أراد شرفا، وعزا، وكرامة فليلتمس ذلك منها، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من سرّه أن يكون أكرم الناس؛ فليتّق الله». وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-: (كرم الدنيا الغنى، وكرم الاخرة التقوى) وقيل: (أكرم الكرم التقوى، وألأم اللؤم الفجور). وخلاصة التقوى: العمل بالتنزيل، والخوف من الجليل، والاستعداد ليوم الرحيل. قال ميمون بن مهران:

لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبته شريكه. وقال الحسن: ما زالت التقوى بالمتقين؛ حتى تركوا كثيرا من الحلال مخافة الحرام. قال الشاعر: [البسيط] لم يجدك الحسب العالي بغير تقى... مولاك شيئا فحاذر واتق الله

وابغ الكرامة في نيل الفخار به... فأكرم النّاس عند الله أتقاها

وقال الأعشى: [الطويل] إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى... ولاقيت بعد الموت من قد تزوّدا

ندمت على ألاّ تكون كمثله... وأنك لم ترصد كما كان أرصدا

هذا؛ ويظن كثير من الناس أنّ تقوى الله بكثرة الصلاة، والصيام، وأداء فريضة الحج، ثم هم لا يأتمرون بمعروف، ولا ينتهون عن منكر، يؤذون الناس، ويعتدون على حرماتهم، ثم هم لا يتورّعون عن أكل أموال الناس بالباطل، وهذا ظن خاطئ، وزعم فاسد. قال عمر بن عبد العزيز-رضي الله عنه-: ليس تقوى الله بصيام النهار، ولا بقيام الليل، والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله ترك ما حرّم الله، وأداء ما افترض الله، فمن رزق بعد ذلك خيرا؛ فهو خير إلى خير. هذا؛ وعن عطية بن عروة السعدي-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا لما به بأس». رواه الترمذي.

الإعراب: {يا أَيُّهَا النّاسُ:} انظر الاية رقم [١] هذا؛ وبعضهم يعرب {النّاسُ} وأمثاله نعتا، وبعضهم يعربه بدلا، والقول الفصل: أن الاسم الواقع بعد أي وبعد اسم الإشارة، إن كان مشتقا؛ فهو نعت، وإن كان جامدا كما هنا؛ فهو بدل، أو عطف بيان، والمتبوع أعني: «أيّ» منصوب

<<  <  ج: ص:  >  >>