(المعارج): {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنّا لَقادِرُونَ} فقد جمع المشرق والمغرب، كما ترى باعتبار مشارق الشّمس ومغاربها في السّنة، وهي ثلاثمائة وستون، تشرق كلّ يوم في واحد منها، وكذا تغرب في واحد منها. هذا؛ وفي تقديم المشرق على المغرب في جميع حالاته يوحي بأفضليته عليه، وكان من حقّ المشرق والمغرب، فتح العين، وهي الراء فيهما؛ لأن المصدر الميمي، واسمي الزمان، والمكان إذا أخذ أحدهما من فعل ثلاثي مفتوح العين، أو مضمومها في المضارع أن يكون بفتح العين قياسا، ولكن التلاوة جاءت بكسرها، وأيضا جاء كثير بكسر العين، وهو مذكور في كتب اللغة، والنحو، من ذلك: المسجد والمنبت، والمسقط، والمرفق، والمنخر، والمجزر، والتحقيق أنها أسماء نوعية غير جارية على فعلها، وإلا فلا مانع من الفتح.
{وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ:} لا يرشدهم، ولا يوفقهم إلى حجّة يدحضون بها حجج أهل الحق عند المحاجّة، والمخاصمة، وفي الآية الكريمة دليل على جواز مناظرة الكفار، والملحدين؛ لإظهار الحقّ، وفي القرآن الكريم، والسّنة المطهّرة من هذا كثير لمن تأمّله، انظر آية المباهلة في سورة (آل عمران) رقم [٦١].
الإعراب:{أَلَمْ:} الهمزة: حرف استفهام، وانظر الشرح. ({لَمْ}): حرف نفي، وقلب، وجزم. {تَرَ:} فعل مضارع مجزوم ب ({لَمْ}) وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الألف، والفتحة قبلها دليل عليها، والفاعل ضمير مستتر تقديره: أنت، وهو لازم لأنّه بمعنى تنظر، تعدّى بحرف الجر. {إِلَى الَّذِي:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، وهما في محل نصب مفعول به. {حَاجَّ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى النمرود، وهو غير مذكور، ولكنّه مفهوم من المقام، كما في قوله تعالى في سورة (الواقعة): {فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ،} وفي سورة (القيامة):
{كَلاّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ (٢٦) وَقِيلَ مَنْ راقٍ} فإن الفاعل في الآيتين الرّوح، ولم يتقدّم لها ذكر، وأيضا قوله تعالى في سورة (هود) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام:{وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} ومثل هذه الآيات في الشّعر كثير، أكتفي بقول حاتم الطّائي:[الطويل]
لعمرك ما يغني الثّراء عن امرئ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصّدر
{إِبْراهِيمَ:} مفعول به. {فِي رَبِّهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جرّ بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، وجملة:{حَاجَّ..}. إلخ صلة الموصول، لا محل لها، والجملة الفعلية:{أَلَمْ تَرَ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. {أَنْ:} حرف مصدري ونصب. {آتاهُ:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، وهو في محل نصب ب {أَنْ،} والهاء في محل نصب مفعول به أول. {اللهُ:} فاعله. {الْمُلْكَ:} مفعول به ثان:
و {أَنْ} والفعل بعدها في تأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف عند الخليل، التقدير:
لإتيانه الملك، والجار والمجرور متعلقان بالفعل {حَاجَّ،} وفي محل نصب بنزع الخافض عند