على الأنبياء أسرع من رجعة الطرف. {ذُو مِرَّةٍ} أي: ذو قوة شديدة. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: ذو منظر حسن.
وفي البيضاوي:{ذُو مِرَّةٍ} أي: حصافة في عقله، ورأيه، والحصافة بمعنى الاستحكام، وهي مخصوصة بالعقل، والتدبير، وهو بيان لما وضع له اللفظ؛ لأن العرب تقول لكل قوي العقل والرأي: ذو مرة، من أمررت الحبل: إذا أحكمت فتله، وفي السمين: والمرة بالكسر:
مزاج من أمزجة البدن، وقوة الخلق، وشدته، والعقل، والأصالة، والإحكام، والقوة، وطاقة الحبل. انتهى. جمل. هذا؛ ورجل مرير؛ أي: قوي، قال العباس بن مرداس، وينسب لكثير عزة:[الوافر] ترى الرجل النحيف فتزدريه... وحشو ثيابه أسد مرير
وقال لقيط:[البسيط] حتى استمرّت على شذر مريرته... مرّ العزيمة لا قحما ولا ضرعا
ومنه قول خفاف بن ندبة-رضي الله عنه-: [الكامل] إنّي امرؤ ذو مرّة فاستبقني... فيما ينوب من الخطوب صليب
هذا؛ وقال تعالى في وصفه في سورة التكوير: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ}. {فَاسْتَوى} أي: فاستقام جبريل على صورته الحقيقية، دون الصورة؛ التي كان يتمثل بها كلما هبط بالوحي، وكان ينزل في صورة دحية الكلبي، وذلك: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحب أن يراه في صورته التي جبل عليها، فاستوى له في الأفق الأعلى، وهو أفق الشمس، فملأ الأفق. وقيل: ما رآه أحد من الأنبياء عليهم الصلاة والسّلام في صورته الحقيقية، سوى محمد صلّى الله عليه وسلّم رآه مرتين: مرة في الأرض، ومرة في السماء، أما التي في الأرض؛ فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم سأل جبريل عليه السّلام أن يراه في صورته، فسد الأفق، فذلك قوله تعالى في سورة (التكوير): {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} وأما التي في السماء كانت ليلة الإسراء والمعراج عند سدرة المنتهى، كما تراه في الايات التالية.
روى الإمام أحمد عن عبد الله-رضي الله عنه-أنه قال: رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جبريل في صورته وله ستمئة جناح، كل جناح منها قد سد الأفق، فخر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مغشيا عليه، فنزل جبريل عليه السّلام في صورة الادميين، فضمه إلى نفسه، وجعل يمسح الغبار عن وجهه، وهو قوله تعالى:{ثُمَّ دَنا فَتَدَلّى}. هذا؛ وانظر شرح (صاحب) في الاية رقم [١٤] من سورة (الأحقاف)، وانظر سورة (التكوير) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك إن شاء الله تعالى.
الإعراب:{وَالنَّجْمِ:} جار ومجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم، وانظر ما ذكرته في أول سورة (الذاريات) بهذا الصدد. {إِذا:} ظرف زمان مجرد عن الشرطية مبني على