للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأخرى، وكان هذا التصوير أبلغ ما في البلاغة، وخاصة في اللفظة الغريبة التي تمكنت في موضعها من الفصل. انتهى. علوم القرآن.

هذا؛ ولابن الأثير كلام جيد في الرد على من أنكر استعمال لفظة {ضِيزى} في القرآن، فقال: إذا جئنا بلفظة في معنى هذه اللفظة، قلنا: قسمة جائرة، أو ظالمة، لا شك أن جائرة، أو ظالمة أحسن من ضيزى، إلا أننا إذا نظمنا الكلام، فقلنا (ألكم الذكر وله الأنثى، تلك إذا قسمة ظالمة) لم يكن النظم كالنظم الأول، وصار الكلام كالشيء المعوز، الذي يحتاج إلى تمام، وهذا لا يخفى على من له ذوق، ومعرفة بنظم الكلام، فلما سمع ذلك الرجل ما أوردته عليه ربا لسانه في فمه إفحاما، ولم يكن عنده في ذلك شيء سوى العناد.

هذا ما قاله ابن الأثير، وهو جيد يدل على ذوق، وفهم، ولكنه لا يخرج عن الحدود اللفظية، وسنذكر ما سنح للخاطر من أمر معنوي يتعلق بهذا الكلام، فنقول: لما كان الغرض تهجين قولهم، وتفنيد قسمتهم، والتشنيع عليها، اختيرت لها لفظة مناسبة للتهجين، والتشنيع، كأنما أشارت خساسة اللفظة إلى خساسة أفهامهم، وهذا من أعجب ما ورد في القرآن الكريم من مطابقة الألفاظ لمقتضى الحال. انتهى. باختصار من الدرويش.

الإعراب: {أَفَرَأَيْتُمُ:} (الهمزة): حرف استفهام، وتوبيخ. (الفاء): حرف استئناف، وقيل:

عاطفة على كلام محذوف، انظر الشرح لتقدير هذا المحذوف. (رأيتم): فعل، وفاعل.

{اللاّتَ:} مفعوله الأول. (العزى): معطوف عليه منصوب مثله، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر. (مناة): معطوف أيضا على ما قبله. {الثّالِثَةَ:} صفة (مناة). {الْأُخْرى:} صفة (العزى) وانظر الشرح، والمفعول الثاني محذوف، قدره الجلال، كما يلي: ألهذه الأصنام قدرة على شيء، فتعبدونها دون الله القادر على ما تقدم ذكره. وقيل: إن الثاني هو المذكور بقوله:

{أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى}. {أَلَكُمُ:} (الهمزة): حرف استفهام إنكاري توبيخي. (لكم): جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {الذَّكَرُ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية مستأنفة على اعتبار المفعول الثاني محذوفا، أو هي في محل نصب مفعوله الثاني كما رأيت، والتي بعدها معطوفة عليها. {تِلْكَ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، لا محل له. {إِذاً:} حرف جواب، وجزاء مهمل، لا عمل له، {قِسْمَةٌ:} خبر المبتدأ. {ضِيزى:} صفة {قِسْمَةٌ} والجملة الاسمية مستأنفة.

تنبيه: فإن قيل: ما فائدة الفاء في قوله: {أَفَرَأَيْتُمُ} وقد وردت في مواضع بغير فاء، كقوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ..}. إلخ رقم [٤] من سورة (الأحقاف)، وقوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ..}. إلخ الاية رقم [٤٠] من سورة (فاطر)؟ فالجواب: أنه لما تقدم عظمة الله في ملكوته، وأن رسوله إلى الرسل يسد الافاق ببعض أجنحته، ويهلك المدائن بشدته وقوته، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>