ولمسلم، قال:«كتب على ابن آدم نصيبه من الزّنى، مدرك ذلك لا محالة، العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرّجل زناها الخطا، والقلب يهوى، ويتمنّى، ويصدق ذلك الفرج، أو يكذّبه». وقيل: اللمم على وجهين:
أحدهما: أنه كل ذنب لم يذكر الله تعالى عليه حدا في الدنيا، ولا عذابا في الاخرة، فذلك الذي تكفره الصلوات الخمس، وصوم رمضان، ما لم يبلغ الكبائر، والفواحش، قال تعالى:{إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ} رقم [١١٤] من سورة (هود) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، وقال تعالى في سورة (النساء) الاية رقم [٣١]: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً} انظر شرحهما في محالهما. والوجه الثاني: هو الذنب العظيم يلم به المسلم المرة بعد المرة، فيتوب منه إذا قام بشروط التوبة؛ التي ذكرتها لك مرارا، وسأعيدها في سورة (التحريم) إن شاء الله تعالى.
تنبيه: قال العلماء: أكبر الكبائر الشرك بالله، وهو ظاهر لا خفاء فيه لقوله تعالى في سورة (لقمان) رقم [١٣]: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}. ويليه القتل بغير حق، فأما ما سواهما من الزنى واللواط، وشرب الخمر، وشهادة الزور، وأكل مال اليتيم بغير حق، والسحر وقذف المحصنات الغافلات، وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف، وأكل الربا، وغير ذلك من الكبائر التي ورد بها النص، فلها تفاصيل، وأحكام تعرف بها مراتبها، ويختلف أمرها باختلاف الأحوال، والمفاسد المترتبة عليها، فعلى هذا يقال في كل واحدة منها: هي من أكبر الكبائر بالنسبة إلى ما دونها، وقد جاء عن ابن عباس-رضي الله عنهما-: أنه سئل عن الكبائر أسبع هي؟ قال: بل هي إلى السبعين أقرب، وفي رواية إلى سبعمئة أقرب.
وقد عرف ابن الصلاح الكبيرة في فتاويه: الكبيرة: كل ذنب كبر، وعظم بحيث يصح معه:
أنه أطلق عليه اسم الكبيرة، ويوصف بكونه عظيما على الإطلاق، فهذا حد الكبيرة، ولها أمارات، منها: الحد. ومنها: الإيعاد عليها بالعذاب بالنار، ونحوها في الكتاب، أو السنة.
ومنها: ما وصف فاعلها بالفسق، أو يضاف إليها اللعن كلعن الله من غيّر منار الأرض، ونحو ذلك، والله أعلم.
هذا؛ واللمم: طرف من الجنون، ورجل ملموم؛ أي: به لمم. ويقال أيضا: أصابت فلانا لمة من الجن، وهي المسّ، والشيء القليل، قال ابن مقبل:[الكامل] فإذا وذلك يا كبيشة لم يكن... إلاّ كلمّة حالم بخيال
هذا؛ واللمم: القليل من: ألمّ بالمكان: إذا قل فيه لبثه، قال الشاعر:[الطويل] أراك إذا أيسرت خيّمت عندنا... زمانا وإن أعسرت زرت لماما
فما أنت إلا البدر إن قلّ ضوءه... أغبّ وإن زاد الضياء أقاما