الإعجاب، أو الرياء، لا على سبيل الاعتراف بالنعمة، فإنه جائز؛ لأن المسرة بالطاعة طاعة، والتحدث بها شكر، قال تعالى مخاطبا نبيه:{وَأَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} من سورة (الضحى).
{هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى} أي: أخلص النية في العمل، وخاف عقاب الله، وعمل لنجاته يوم القيامة من الحساب الشديد، والعذاب الأليم. وعلم الله بمن اتقى قديم أزلي قبل أن يخرجنا من صلب آدم، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. هذا؛ وكما نهى الله أن يمدح العبد نفسه؛ نهاه أن يمدح غيره، ولا سيما إذا كان تزلفا، وتقربا، ورياء، وخداعا، فقد روي عن همام بن الحارث قال: جاء رجل إلى عثمان بن عفان-رضي الله عنه-، فأثنى عليه بوجهه، قال: فجعل المقداد بن الأسود-رضي الله عنه-يحثو في وجهه التراب، ويقول: أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا لقينا المداحين أن نحثو في وجوههم التراب. أخرجه مسلم، وأبو داود، وأحمد. وكذلك نهى النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يمدح الرجل الرجل في غيبته، فعن أبي بكر-رضي الله عنه-، قال: مدح رجل رجلا عند النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «ويلك قطعت عنق صاحبك-مرارا-إذا كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة؛ فليقل: أحسب فلانا، والله حسيبه، ولا أزكّي على الله أحدا، أحسبه كذا، وكذا؛ إن كان يعلم ذلك». أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، وأحمد، وابن ماجه.
خاتمة: جاء في أسباب النزول للسيوطي ما يلي: روى ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد، عن ثابت بن الحارث الأنصاري الصحابي-رضي الله عنه-قال: كانت اليهود تقول إذا هلك لهم صبي صغير: هذا صدّيق، شقيّ، أو سعيد، فأنزل الله عز وجل عند ذلك قوله:{هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ..}. إلخ. ونحوه عن عائشة-رضي الله عنها-وانظر شرح (أمهاتكم) في الاية رقم [٢] من سورة (المجادلة) إن شاء الله.
الإعراب:{الَّذِينَ:} بدل من سابقه، أو عطف بيان، أو هو نعت له، أو هو في محل نصب مفعول به لفعل محذوف، تقديره: أعني الذين، أو هو في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هم الذين. وهذان الوجهان على القطع. {يَجْتَنِبُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {كَبائِرَ:}
مفعول به، وهو مضاف، والإثم مضاف إليه. {وَالْفَواحِشَ:} الواو: حرف عطف. (الفواحش):
معطوف على ما قبله. {إِلاَّ:} حرف حصر. {اللَّمَمَ:} منصوب على الاستثناء المنقطع، وهو بمعنى: لكن اللمم. وقال الزمخشري: ولا يخلو قوله تعالى: {إِلاَّ اللَّمَمَ} من أن يكون استثناء منقطعا، أو صفة كقوله تعالى:{لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ} الاية رقم [٢٢] من سورة (الأنبياء)، وعليه يكون الإعراب كما يلي:{إِلاَّ:} اسم بمعنى: «غير» ظهر إعرابه على ما بعده بطريق العارية، لكونه على صورة الحرف، و {إِلاَّ} مضاف، و {اللَّمَمَ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة {إِلاَّ} التي على صورة الحرف.