للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، عند قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاّتَ وَالْعُزّى (١٩) وَمَناةَ الثّالِثَةَ الْأُخْرى} وأنه قال: تلك الغرانيق العلا، وإن شفاعتهن لترتجى، كذا في رواية سعيد بن جبير-رضي الله عنه-: ترتجى، وفي رواية أبي العالية، وإن شفاعتهن ترتضى، ومثلهن لا ينسى.

ففرح المشركون، وظنوا: أنه من قول النبي صلّى الله عليه وسلّم، انظر ما ذكرته في سورة (الحج) رقم [٥٢] و [٥٣] تجد ما يسرك، ويثلج صدرك، فلما بلغ الخبر من كان بالحبشة من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم رجعوا إلى مكة ظنا منهم أن أهل مكة آمنوا، فكان أهل مكة أشد عليهم، وأخذوا في تعذيبهم إلى أن كشف الله عنهم البلاء، وذلك بالهجرة إلى المدينة المنورة.

وقيل: المراد: سجود الصلاة، وهو قول ابن عمر-رضي الله عنهما-كان لا يراها من عزائم السجود، وبه قال الإمام مالك-رحمه الله تعالى-. وروى أبيّ بن كعب-رضي الله عنه-:

كان آخر فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم ترك السجود في المفصل. والأول أصح. وسجود التلاوة يسن للقارئ، والسامع، والمستمع. والدليل على ذلك سجود النبي صلّى الله عليه وسلّم، فعن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ القرآن، فيقرأ سورة فيها سجدة، فيسجد، ونسجد معه حتى ما يجد بعضنا موضعا لمكان جبهته في غير وقت صلاة، متفق عليه. وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا قرأ ابن آدم السجدة، فسجد اعتزل الشيطان يبكي، ويقول:

يا ويلتا أمر ابن آدم بالسجود، فسجد، فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار» رواه مسلم.

هذا؛ وشروط سجود التلاوة هي شروط الصلاة، وتزيد عند الشافعي بأنها تحتاج إلى نية كنية الصلاة، وسلام كسلام الصلاة، وهي فورية عند الشافعي، وعلى التراخي عند أبي حنيفة.

لذا إذا كان القارئ، أو السامع لا يستطيع السجود لعدم طهارته، أو لعدم قدرته على السجود لمانع يمنعه منه يكفيه أن يقول: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر) أربع مرات، وهذا عند الشافعي، وأما عند أبي حنيفة، فيقضيها بعد التمكن من فعلها ولو بعد أيام، وإذا كانت في الصلاة؛ فلا تؤدى إلا بالسجود لها عند الشافعي، وعند أبي حنيفة تؤدى بركوع الصلاة إذا نواها معه.

الإعراب: {أَفَمِنْ:} (الهمزة): حرف استفهام توبيخي إنكاري. (الفاء): حرف استئناف.

(من هذا): جار ومجرور متعلقان بالفعل بعدهما، والهاء مقحمة بينهما. {الْحَدِيثِ:} بدل من اسم الإشارة، أو عطف بيان عليه، وبعضهم يعربه صفة. {تَعْجَبُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها، والجملتان بعدها معطوفتان عليها، لا محل لهما مثلها. {وَأَنْتُمْ:} (الواو): واو الحال. (أنتم): ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {سامِدُونَ:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين

<<  <  ج: ص:  >  >>