اليوم، وأما الأحاديث التي جاءت بذم يوم الأربعاء محمولة على آخر أربعاء في الشهر، فإنه في ذلك اليوم ولد فرعون، وادعى الربوبية، وأهلكه الله فيه، وهو اليوم الذي أصيب فيه أيوب-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-. انتهى. زيني دحلان بتصرف. هذا؛ وكان هلاكهم في أواخر فصل الشتاء، ولا تزال هذه الأيام إلى عصرنا هذا موسما للمطر والبرد الشديد ويطلق عليها أيام العجوز.
فإن قيل: فإذا كان يوم الأربعاء يوم نحس مستمر، فكيف يستجاب فيه الدعاء؟ وقد جاء: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم استجيب له فيما بين الظهر، والعصر، كما رأيت في حديث جابر-رضي الله عنهما- والجواب-والله أعلم-ما جاء في خبر يرويه مسروق-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنه قال:
«أتاني جبريل، فقال: إن الله يأمرك أن تقضي باليمين مع الشاهد، وقال: يوم الأربعاء يوم نحس مستمرّ». ومعلوم: أنه لم يرد بذلك: أنه نحس على الصالحين، بل أراد: أنه نحس على الفجار، والمفسدين كما كانت الأيام النحسات المذكورة في سورة (فصلت) نحسات على الكفار من قوم عاد، لا على نبيهم، والمؤمنين منهم، وإذا كان كذلك لم يبعد أن يمهل الظالم من أول يوم الأربعاء إلى أن تزول الشمس، فإذا أدبر النهار، ولم يحدث رجعة، وتوبة استجيب دعاء المظلوم عليه، فكان اليوم نحسا على الظالم، ودعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم إنما كان على الكفار. انتهى. قرطبي.
هذا؛ وقوله:«إن الله يأمرك أن تقضي باليمين مع الشاهد» معناه: أن المدعي مطالب بالبينة لإثبات حقه وهي شاهدان مسلمان عدلان، فإن لم يكن له إلا شاهد واحد، فيحلف، فاليمين تقوم مقام الشاهد الثاني. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
هذا؛ والريح في الأصل: الهواء المسخر بين السماء، والأرض، وهو جسم لطيف متحرك، ممتنع بلطفه من القبض عليه، يظهر للمس بحركته، ويخفى عن البصر بلطفه، وهو حياة كل نام، من إنسان، وحيوان، ونبات مثل الماء، بل الحاجة إليه أشد، وأصله الرّوح، قلبت الواو ياء؛ لانكسار ما قبلها، والجمع: أرواح، ورياح، وأصل رياح: رواح، فعل به كما فعل بأصل ريح، والأكثر في الريح التأنيث، كما في قوله تعالى:{جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ} وقد تذكر على معنى الهواء. والرياح الأصول أربع: إحداها: الشمال، وتأتي من ناحية الشمال وهي يسار من استقبل مطلع الشمس، وهذه الريح حارة في الصيف، باردة في الشتاء. والثانية: الجنوب، وهي مقابلتها؛ أي: تأتي من جهة يمين من استقبل مطلع الشمس. وهي اليمانية. والثالثة: الصّبا بفتح الصاد، وتأتي من مطلع الشمس، وتسمى: القبول أيضا. والرابعة: الدّبور، وتأتي من مغرب الشمس.
وما أتى منها من بين تلك الجهات يقال لها: النّكباء، ثم إن خرجت من بين الجنوب والشرق؛ قيل لها: أزيب، بفتح الهمزة، وسكون الزاي، وفتح الياء، وإن خرجت من بين