للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من طبقات، أو دركات النار لعصاة المسلمين، وهي: جهنم، تكون بعد خروجهم منها خرابا، لا نار فيها، والثانية: لظى للنصارى، والثالثة: الحطمة لليهود، والرابعة: السعير للصابئين، والخامسة: سقر للمجوس، والسادسة: الجحيم لأهل الشرك، والسابعة: الهاوية، (وهي الدرك الأسفل) للمنافقين، قال تعالى في سورة (النساء) رقم [١٤٥]: {إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النّارِ} وإنما كان عقابهم كذلك؛ لأنهم أخبث من الكفرة؛ لأنهم ضموا إلى الكفر استهزاء بالإسلام، وخداعا للمؤمنين. هذا؛ وبالمقابل انظر درجات الجنان في الاية رقم [٧٣] من سورة (الزمر). هذا؛ وجاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في القدر، فنزلت: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨) إِنّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ} هذا؛ وانظر (ذوقوا) في الاية رقم [١٤] من سورة (الذاريات).

{إِنّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ} أي: مقدور مكتوب في اللوح المحفوظ. وقيل: معناه قدر الله لكل شيء من خلقه قدره الذي ينبغي له. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: كل شيء بقدر؛ حتى وضعك يدك على خدك.

هذا؛ والذي عليه أهل السنة: أن الله عز وجل قدر الأشياء؛ أي: علم مقاديرها، وأحوالها وأزمانها قبل إيجادها، ثم أوجد منها ما سبق في علمه أنه يوجده على نحو ما سبق في علمه، فلا يحدث حدث في العالم العلوي، والسفلي، إلا وهو صادر عن علمه تعالى، وقدرته، وإرادته دون خلقه، وأن الخلق ليس لهم فيها إلا نوع اكتساب، ومحاولة، ونسبة، وإضافة، وأن ذلك كله إنما حصل لهم بتيسير الله تعالى، وبقدرته، وتوفيقه، وإلهامه، سبحانه لا إله إلا هو، ولا خالق غيره، كما نص عليه القرآن، والسنة، لا كما قالت القدرية، وغيرهم من أن الأعمال إلينا، والاجال بيد غيرنا، فنزلت هذه الاية إلى قوله: {إِنّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ} فقالوا: يا محمد! يكتب علينا الذنب، ويعذبنا، فقال: أنتم خصماء الله يوم القيامة. انتهى. قرطبي بتصرف. وخذ ما يلي:

عن عبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنه-قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «كتب الله مقادير الخلائق كلها قبل أن يخلق السّموات والأرض بخمسين ألف سنة. قال: وعرشه على الماء». أخرجه مسلم. وعن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «كلّ شيء بقدر حتى العجز، والكيس». أخرجه مسلم. وعن علي بن أبي طالب-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع: يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله بعثني بالحق. ويؤمن بالموت، وبالبعث بعد الموت، ويؤمن بالقدر». أخرجه الترمذي. وله عن جابر-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره، وشرّه، وحتى يعلم: أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه». وقال: حديث غريب. وفي حديث جبريل المتفق عليه: «وتؤمن بالقدر خيره، وشرّه. قال: صدقت». ففيه ذم

<<  <  ج: ص:  >  >>