تنبيه: من المقطوع به أن آدم-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-من الأنبياء، وهو رأي جمهور العلماء، لم يخالف فيه أحد، وإنما الخلاف فيه، هل هو رسول، أم لا؟ ولمن أرسل؟ فيرى بعض العلماء: أنه رسول، وأنه أرسل إلى ذريته. ويرى الاخرون: أنه لم يكن رسولا، وإنما كان نبيا، ويستدل هؤلاء بحديث الشفاعة، الوارد في صحيح مسلم: أن الناس يذهبون إلى نوح على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، ويقولون له: أنت أول رسل الله إلى أهل الأرض، فلو كان آدم رسولا؛ لما ساغ هذا القول، والقائلون برسالة آدم يؤولون ذلك بأنه أول رسول بعد الطوفان. والله أعلم بحقيقة الأمر، والرأي الأرجح: أنه من الرسل.
هذا؛ وقد عاش آدم عليه السّلام على ما ورد في بعض الاثار ألف عام، ثم مات بعد ذلك، ودفن على المشهور في الهند عند الجبل الذي أهبط فيه. وقيل: دفن بجبل أبي قبيس في مكة المكرمة، ولما حضرته الوفاة جاءته الملائكة بكفن، وحنوط من الجنة، وبعد أن غسلوه، وكفنوه، وحنطوه؛ حفروا له، وألحدوه، وصلوا عليه، ثم أدخلوه قبره، فوضعوه فيه، ثم حثوا عليه التراب، وقالوا: يا بني آدم هذه سنتكم. رحم الله آدم، وأسكنه فسيح جنته، وجمعنا معه في دار الخلد. آمين. والحمد لله رب العالمين. انتهى. النبوة والأنبياء للصابوني.
هذا؛ وقد قال عبد الوهاب النجار-رحمه الله تعالى-في كتابه (قصص الأنبياء). هل آدم هذا أول البشر ولم يكن أحد قبله من جنسه؟
والجواب: أن العقل لا يجعل من المحال أن يكون الله خلق آدم غير آدم هذا، ولكن الله لم يذكر سوى آدم الذي نعرفه أبا البشر، فالقول بوجود غيره مجازفة بلا برهان، وقد وجد من البشر في الأزمان الغابرة، والحاضرة من يدعون: أن عمران بلادهم أقدم من خلق آدم، كأهل الهند، وقد كانوا في الزمان السابق يدّعون: أن آدم كان عبدا من عبيدهم هرب إلى الغرب، وجاء بأولاده، وإلى هذا يشير المعري بقوله:[الوافر] تقول الهند آدم كان قنّا... لنا فسعى إليه مخبّبوه
وإلى القول بوجود أوادم سوى آدم يشير بقوله:[الخفيف] جائز أن يكون آدم هذا... قبله آدم على إثر آدم
وقوله:[الطويل] وما آدم في مذهب العقل واحدا... ولكنّه عند القياس أوادم
وهناك فريق من الناس يرجح: أنه ليس أول نوعه، ويستأنسون لذلك بقول الملائكة:
{أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ} الاية رقم [٣٠] من سورة (البقرة) ويقول: إن الملائكة لم يقولوا ذلك إلا لرؤيتهم من تقدموا قبل آدم من الخلق الذين على صورته قد فعلوا ذلك، وأن