للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ:} قيل: هي الزرابي، والطنافس الثخان. وقيل: هي الطنافس الرقاق.

وقيل: كل ثوب موشى عند العرب، فهو عبقري. قاله العتبي. وقال أبو عبيد: هو منسوب إلى أرض يعمل فيها الوشي، فينسب إليها كل وشي حبك، قال ذو الرمة: [البسيط] حتّى كأنّ رياض القفّ ألبسها... من وشي عبقر تجليل وتنجيد

وقال الخليل: كل جليل نفيس فاخر من الرجال وغيرهم فهو عبقري عند العرب، ومنه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم في عمر: «فلم أر عبقريّا يفري فريّه» وأصل هذا فيما قيل: إنه نسب إلى عبقر، وهي أرض يسكنها الجن، فصار مثلا لكل منسوب إلى شيء رفيع عجيب، وذلك: أن العرب تعتقد في الجن كل صفة عجيبة، وأنهم يأتون بكل أمر عجيب، ولما كانت عبقر معروفة بسكنى الجن؛ نسبوا إليها كل شيء عجيب. هذا؛ وقد قال أبو عمرو بن العلاء، وقد سئل عن قول النبي صلّى الله عليه وسلّم في عمر-رضي الله عنه-: «فلم أر عبقريّا يفري فريّه» فقال: العبقري رئيس قوم وجليلهم.

والحديث بتمامه كما يلي، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «بينا أنا نائم رأيتني على قليب، عليها دلو، فنزعت منها ما شاء الله، ثم أخذها ابن أبي قحافة، فنزع منها ذنوبا، أو ذنوبين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له، ثم استحالت غربا؛ فأخذها ابن الخطاب فاستحالت في يده غربا، فلم أر عبقريّا من الناس يفري فريّه؛ فنزع عمر، حتى ضرب الناس بعطن». (القليب): البئر.

(الذنوب): الدلو العظيمة. (غربا): دلوا كبيرا. وفي نزعه ضعف: إشارة إلى مدة خلافته، وهي سنتان. (ضرب الناس بعطن): حتى اتخذ الناس حولها بركا لإبلهم لغزارة مائها. أخرج الحديث البخاري من حديث عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-، وقال زهير بن أبي سلمى: [الطويل] بخيل عليها جنّة عبقرية... جديرون يوما أن ينالوا فيستعلوا

أقول: وبالجملة فالعبقري من كل نوع، ومن أي شيء ما يجمع فضائل ذلك النوع، وفضائل ذلك الشيء مثل لفظ: (كريم) فإنه صفة جليلة لكل ما يرضي في بابه. انظر الاية رقم [١١] من سورة (الحديد). وقال الجوهري: العبقري: موضع تزعم العرب أنه من أرض الجن، قال لبيد -رضي الله عنه-: [الطويل] ومن ساد من إخوانهم وبنيهم... كهول وشبّان كجنّة عبقر

وقال آخر: [المتقارب] فوارس ذبيان تحت الحدي‍... د كالجنّ يوفضن من عبقر

ثم نسبوا إليه كل شيء يعجبون من حذقه، وجودة صنعته، وقوته، فقالوا: عبقري، وهو واحد وجمع. هذا؛ وروى أبو بكر-رضي الله عنه-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قرأ: «(متكئين على رفارف خضر وعباقر حسان)».

<<  <  ج: ص:  >  >>