للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الشعراء) رقم [١٥٥]: {هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} وقال أبو عبيدة: الشّرب بالفتح مصدر، وبالضم، والكسر اسمان. هذا؛ والشّربة بفتح الشين: من الماء ما يشرب مرة، وهي المرة من الشّرب أيضا.

قال الزمخشري-رحمه الله تعالى-: فإن قلت: كيف صح عطف الشاربين على الشاربين، وهما لذوات متفقة، وصفتان متفقتان، فكان للشيء على نفسه؟ قلت: ليستا بمتفقتين؛ من حيث إن كونهم شاربين للحميم على ما هو عليه من تناهي الحرارة، وقطع الأمعاء أمر عجيب، وشربهم له على ذلك كما تشرب الهيم الماء أمر عجيب أيضا، فكانتا صفتين مختلفتين. انتهى.

أقول: ما أشبه هذا بقوله تعالى في هذه السورة: {وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ} كما رأيت.

{هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ:} النزل: ما يهيأ من الطعام، والشراب، والإكرام للنازل تكرمة له، وفيه تهكم، كما في قوله تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ} قال أبو السعد الضبي، وقد استعار ما يعد للضيف النازل لما يفعله بالأعداء الهاجمين على قومه، وعليه: [الطويل] وكنّا إذا الجبّار بالجيش ضافنا... جعلنا القنا والمرهفات له نزلا

هذا؛ والزقوم: مشتقة من التزقم، وهو البلع على جهد لكراهتها ونتنها، وهي تحيا بلهب النار، كما تحيا الشجرة في الدنيا بالماء البارد. واختلف فيها: هل هي من شجر الدنيا التي تعرفها العرب أم لا؟ على قولين: أحدهما: أنها معروفة من شجر الدنيا. ومن قال بهذا اختلفوا فيها، فقال قطرب: إنها شجرة مرّة تكون بتهامة من أخبث الشجر، وقال غيره: بل هو كل نبات قاتل. والقول الثاني: إنها لا تعرف في شجر الدنيا، فلما نزلت هذه الاية، وأمثالها قالت قريش: ما نعرف هذه الشجرة، فقدم عليهم رجل من أفريقية، فسألوه، فقال: هو عندنا الزبد، والتمر. فقال ابن الزّبعرى متهكما: أكثر الله في بيوتنا الزقوم. فقال أبو جهل الخبيث لجاريته:

هاتي زقّمينا، فأتته بزبد وتمر، ثم قال لأصحابه: تزقّموا هذا الذي يخوفنا به محمد، يزعم: أن النار تنبت الشجر، والنار تحرق الشجر، وهذا فحوى قوله تعالى في سورة (الصافات): {إِنّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظّالِمِينَ (٦٣) إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ}.

الإعراب: {قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر فيه وجوبا تقديره: «أنت». {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {الْأَوَّلِينَ:} اسم (إنّ). (الاخرين): معطوف على ما قبله، وعلامة نصبهما الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنهما جمعا مذكر سالمان، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد.

{لَمَجْمُوعُونَ:} (اللام): هي المزحلقة. (مجموعون): خبر (إنّ) مرفوع، وعلامة رفعه الواو

إلخ. {إِلى مِيقاتِ:} متعلقان بمجموعون، و {مِيقاتِ} مضاف، و {يَوْمٍ} مضاف إليه. {مَعْلُومٍ:}

صفة {يَوْمٍ،} والجملة الاسمية: {إِنَّ..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة: {قُلْ..}.

إلخ مستأنفة، لا محل لها. {ثُمَّ:} حرف عطف. {إِنَّكُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف

<<  <  ج: ص:  >  >>